يونس مجاهد
تعترف قيادة حزب البعث في سوريا، بأَن الحرب التي عرفها هذا البلد، لم تكن أسبابها خارجية بحتة، بل ثمة أسباب داخلية، تتمثل –أساسا- في المنهجية التبسيطية، التي كانت تعالج بها إشكالية الهوية، حيث كان الانتماء العروبي، رائجاً، دون أي بعد حضاري، بل كان يتسم بنوع من العرقية، الأمر الذي لم يكن كافياً لتطوير فكرة الاتحاد حول وطن واحد، كهوية رئيسية فوق كل الهويات.
في هذا السياق، تعتبر أن المخطط الخارجي، استفاد من نقاط ضعف الداخلية، كمن ترك باب منزله مفتوحا، ليدخله السارق، أي أن المعالجة السطحية والخاطئة، لمختلف الحساسيات الطائفية والمذهبية، في سوريا، هيأت الأرضية لاستغلالها وتضخيمها، واستعمالها من طرف الذين يسعون إلى تقسيم هذا البلد، وخلق كيانات صغيرة، شبيهة بالكانتونات، لا تجمعها فكرة الانتماء للوطن الواحد.
ومن المعلوم أن ماحصل في سوريا، شبيه بالوضع في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث برزت على السطح، الانتماءات الطائفية والمذهبية، وتحولت العملية السياسية/الانتخابية، وتشكيل الحكومات، إلى محاصصة بينها، لا أقل ولا أكثر، بل أفدح من ذلك، تطورالعنف بين مكوناتها، بشكل لم يسبق له مثيل، وأصبح العراق مهددا كذلك بالتقسيم.
وإذا كان حزب البعث، ذو الإيديولوجية القومية العربية، قد تٓمّ تفكيكه في العراق، من طرف الاحتلال الأمريكي، فإن نفس الإيديولوجية، هي التي يحملها كذلك حزب البعث في سوريا، والتي تعتبر أن هذه القومية، تتعالى على كل الهويات الأخرى الطائفية والمذهبية، وبالتالي فهي تشكل الأداة الرئيسة للحمة الوطنية.
من المشروع أن نتساءل اليوم، هل يمكن لسوريا أن تعالج ما اعتبرته معالجة سطحية لتحدي الهويات، وماهي الوصفة الجديدة التي سيقدمها حزب البعث، لتجاوز هذه السطحية. في جميع الأحوال، لا يرى هذا الحزب أن الديمقراطية، هي الحل في الأمد المنظور، لأنه يتخوف من أن تطغى «سلبياتها» على «إيجابياتها»، لذلك من الضروري، حسب تصوره، أن يعرف البلد مرحلة انتقالية، تتقوى وتتجذر فيها الهوية الوطنية، بكل أبعادها الحضارية العميقة. وفي انتظار ذلك، مازالت صور الرئيس بشار الأسد تملأ الشوارع والمحلات التجارية والمطاعم وحتى وسائل النقل.
تعليقات الزوار ( 0 )