ما هي حدود الدجل والنصب والاحتيال، في ممارسة ما يسمى بـ «الرقية الشرعية»؟ من المؤكد أن لا أحد يمكنه أن يجيب عن هذا السؤال بدقة ووثوقية، لأن الأمر لا يتعلق بمسألة علمية ملموسة، مبنية على دلائل وحجج مختبرية تجريبية، بل بمعتقدات وتأويلات للدين، تسمى العلاج بالقرآن، في الوقت الذي نعرف فيه أَن الكتاب ليس مدونة طبية، يحتضن مقومات تشخيص المرض من تحاليل وفحص بالأشعة، ووصفات طبية لكل مرض، بناءً على نتائج التشخيص، وصناعة الدواء، إلى غير ذلك من التطور الذي عرفه الطب الحديث.
غير أن «الراقي الشرعي»، يقدم نفسه كجامع مانع لكل هذه التخصصات، ويدعي أنه يعالج ما حار فيه الأطباء، بل يتجاوز ذلك إلى صراع مع الجن والعفاريت، وانتصار عليهم، بكل أنواعهم وجنسياتهم المختلفة، وصدّ العين والحسد وجلب الحبيب… وقد منح أحد الرقاة لنفسه، في تصريح لإحدى القنوات الإلكترونية، نجاحه في علاج طفل كسيح، بعد أن فشل الأطباء في ذلك.
ومن المعلوم أن هذه الممارسات ليست جديدة على مجتمعنا أو على مجتمعات أخرى، غير أن الدرجة التي وصلت إليها، بفعل تأثير انتشار ثقافة الدجل الآتية من  بلدان المشرق، خاصة من الخليج، جعلت هذه المهنة تزدهر في المغرب، لتتجاوز مجرد ممارسة معزولة لبعض الفقهاء في الأحياء الشعبية وأسواق البادية، بل أصبح الأمر يتعلق، اليوم، بـ «عيادات» مفتوحة ومجهزة، وبإشهار عبر التكنولوجيات الحديثة في التواصل، لقدرات الراقي وتخصصه في صرع الجن والقيام بمختلف أنواع الدجل، فتناسلت هذه الظاهرة، كما تناسلت فضائحها، لاسيما الاستغلال الجنسي للنساء.
والأدهى من كل هذا، أن تتحول بعض الإذاعات الخاصة وبعض القنوات الإلكترونية، إلى فضاء للترويج لمهنة الشعوذة، باسم الدين الإسلامي والقرآن، الذي لم يدعِ أبدا أنه كتاب طب، بل هو حامل لرسالة روحية أخلاقية، وعقيدة دينية، وليس مدونة علاج.
ومن الواضح، من خلال التطورالذي عرفه هذا الوضع، أننا أمام عمليات نصب واحتيال، يُستغل فيها الناس، وهم في حالة ضعف جسدي ونفسي، لاستنزاف جيوبهم، بل هناك من هؤلاء الدجالين من يتجاوز ذلك للاعتداء الجنسي على النساء، وكل هذا يمثل جرائم، لا يمكن السكوت عنها.

الكاتب : يونس مجاهد-

 

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

أزمة في جوهر النظام الترابي

الاتحاد لا يحتاج إلى شهادة حياة، لأنه هو من يسلمها!

ما بعد وقف إطلاق النار وجواب الاتحاد …

الاتحاد الاشتراكي… حزب لا يُرهب ولا يُرْهب