قال عبد الحميد فاتحي : « لقد تزامن النقاش حول مشروع قانون المالية بمجلس المستشارين مع كسب جديد لقضية وحدتنا الترابية عقب قرار جلالة الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، بإعطاء تعليماته للقوات المسلحة بتأمين معبر الكركرات وتطهيره من المرتزقة وقطاع الطرق عبر عملية ذات هدف ومحتوى سلميين، وتأمين الحركة التجارية والإنسانية بشكل انسيابي بين بلدنا وموريتانيا ومن خلالها الدول الإفريقية «.
وأضاف فاتحي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في مناقشة قانون المالية : « لقد كان القرار الملكي حكيما في توقيته، صارما في تفعيله، ومنسجما مع قرارات مجلس الأمن الدولي ومحاطا بالتناغم الضروري مع توجيهات القوى الدولية الكبرى المؤثرة في صناعة القرار الأممي، وقد بدا ذلك من خلال التفاعل الإيجابي مع الخطوة المغربية التي أعادت الحياة الطبيعية للمنطقة بعد طرد فلول مرتزقة البوليزاريو وإفشال المخططات المتتالية لراعيها الرسمي .
وأكد باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نحيي عاليا القرار الملكي الشجاع ونقف بكل إجلال للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية على الأدوار والتضحيات التي يقومون بها حماية للوحدة الترابية وللوطن والمواطنين.
وأوضح أن درس الجائحة يدعونا إلى إعادة النظر في عدد من المحددات التي تؤطر رؤيتنا لأدوار الدولة الاقتصادية والاجتماعية كدولة راعية، بدت الحاجة إليها قائمة في اجتياز مرحلة الحجر الصحي وبعده، كما أظهرت منظومة القطاع العام، قدرتها على مواجهة الأوضاع الصعبة وفي مقدمة ذلك المنظومة الصحية.
وإن المنطق الاستباقي الذي تعاملت به بلادنا مع الوضع الاستثنائي الذي خلفته الجائحة، مكن من تبوء بلادنا مكانة متميزة في التعامل مع الجائحة، وتعزز هذا المنطق الاستباقي بقرار بلادنا تلقيح ملايين المغاربة، و هي العملية التي تظهر بجلاء جدية القرارات الوطنية وتفاعلها السريع مع ما يجري في العالم من تسابق حول إيجاد اللقاح الناتج لوباء كورونا».
وشدد فاتحي «نناقش مشروع قانون المالية في ظل سياقات دولية ووطنية صعبة، استثنائية وغير مسبوقة فهناك تراجع في نسبة النمو العالمي وانكماش اقتصادي كبير في منطقة الأورو الشريك الأساسي لبلدنا، مع ما صاحب ذلك من تراجع للطلب الخارجي الموجه لبلادنا، واضطراب في سلاسل التوريد الدولية والضغط على العرض والطلب في نفس الآن. وطنيا هناك تحديات صحية واقتصادية واجتماعية فرضتها الجائحة، انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بعد توالي سنتين من الجفاف، والانعكاس المباشر للأزمة على المهن العالمية للمغرب، ارتفاع نسبة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة (14.8 بالمئة) وتراجع المداخيل السياحية وتحويلات مغاربة العالم.
تلك كانت بعض سياقات المناقشة لمشروع قانون المالية 2021، الذي يأتي استثناء في وضعية استثنائية، ومرتكزا أساسا على التوجيهات الملكية السامية والواردة خصوصا في خطاب العرش لهذه السنة وفي خطاب افتتاح الدورة التشريعية الحالية، والمتمثلة في ثلاثة محاور أساسية:
إنعاش الاقتصاد الوطني،تعميم التغطية الصحية،إصلاح القطاع العام،وإذا كانت الإجراءات التي جاء بها المشروع لإنعاش الاقتصاد الوطني غير كافية، فإنها تفتح عدة أوراش مرتبطة أساسا بدعم المقاولة المغربية والحفاظ على مناصب الشغل، من خلال القروض المضمونة والإجراءات الجبائية المصاحبة.
ويبقى المرتكز الثاني المتمثل في تعميم التغطية الاجتماعية خطوة كبرى في اتجاه ضمان الحد الأدنى للعيش الكريم لكافة المغاربة، لمقاربة حكيمة منسجمة مع تصورات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حول الدولة الاجتماعية والراعية.
المرتكز الثالث المتمثل في إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية وإحداث الوكالة الوطنية لتدبير مساهمات الدولة، خطوة مهمة في اتجاه إدخال كثير من هذه المؤسسات إلى دائرة الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة».
وأضاف « مشروع قانون مالية لسنة انتخابية بامتياز، إذ على غير العادة سنعيش لحظة انتخابية لكل المؤسسات، مجلس النواب، الجماعات الترابية، المهنيون، الاجراء، وهو ما يتطلب إعدادا جيدا لها وتوفير كل شروط النزاهة لهذه الاستحقاقات، وفي هذا الصدد لابد من الإسراع بإخراج القوانين الانتخابية على قاعدة التوافقات التي خرجت بها اجتماعات الأحزاب السياسية مع وزارة الداخلية، والتي توصلت إلى الحسم في كثير من النقط، وبقيت بعض النقط العالقة، وبعضها لا يلقى إلا معارضة الحزب الذي يقود الحكومة بمفرده.
إن الاستحقاقات القادمة تتطلب الحزم والمسؤولية لنجعل منها لحظة للتراكم الديمقراطي وليست لحظة للحزبية الضيقة والمكاسب الشخصية الضيقة، إذ الحاجة لازالت قائمة إلى مؤسسات قادرة على محاربة الفساد وتفعيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الاثراء غير المشروع، والذي قدم بشأنه فريقنا بمجلس النواب مقترح قانون متكامل عكس الداعين إلى التجزيء المفرض في القانون الجنائي.
إن انتخابات المأجورين هي الغائب الأكبر عن اهتمامات الحكومة، فالنصوص التنظيمية لها في قطاع العام تعود إلى نهاية الخمسينيات ، فإذا كانت الانتخابات المهنية في القطاع العام تتسم في أغلبها بالشفافية، فإن الانتخابات في القطاع الخاص ورش مفتوح للتزوير الموصوف، إذ رغم نداءاتنا المتكررة باسم الفدرالية الديمقراطية للشغل، لم يستطع أي من وزراء الشغل المتعاقبين نشر نتائج انتخابات المأجورين في القطاع الخاص».
وأكد أن الإجراءات التي جاء بها مشروع قانون المالية رغم أهميتها فإنها غير كافية لمواجهة الحاجيات الأساسية الآنية، وفي مقدمة ذلك معالجة الأوضاع الاجتماعية المتردية لفئات واسعة من المواطنين كالمأجورين الذين فقدوا مورد رزقهم والمهن المتعددة في القطاع غير المهيكل وفي القطاعات المتضررة في السياحة والتموين والحفلات إلخ، مما يتوجب مقاربة خاصة لمواجهة هذا الوضع والتخفيف من وقع الأزمة على هذه الفئات، عبر تخفيف الضغط الضريبي وإجراءات دعم خاصة دعما للقدرة الشرائية للمواطنين خاصة في ظل وضعية اللايقين التي يعيشها العالم حول الأفق الممكن للخروج من وضعية الجائحة.
وهذا يتطلب القطع النهائي مع الثالوث المصاحب للمحطات الانتخابية، إذ عشنا في الاستحقاقات السابقة أوضاعا ملتبسة تدخلت فيها السلطة والمال والدين، كآليات دعم للوصول إلى المؤسسات التمثيلية، وهو ما يفرغ الديمقراطية من محتواها وتجعلنا رهيني منطق تقليدي تحكيمي غير قادر على النضج والإيمان أن الديمقراطية تراكم متواصل لن توقفه مثل هذه الممارسات البائدة» .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

انتخاب الاخ سعيد بعزيز رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان

النائبة مجيدة شهيد تسائل الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية حول خلفيات وقف الدعم المالي المباشر عن بعض الأسر القاطنة بإقليم زاكورة.

الفريق الاشتراكي يسائل وزير الداخلية حول تخريب الرعاة الرحل لمصادر عيش السكان المحليين باقليم تزنيت

نواب البرلمان المغربي يسقطون مقترحات تعديلات البرلمانيين الجزائريين