يونس مجاهد
من المؤكد أنه بالإضافة إلى المتابعة السياسية و الإعلامية ، لما يحدث في الحسيمة، من احتجاجات، تبدو الحاجة مُلِحّةً إلى ضرورة القيام بعمل آخر، لفهم ما يجري، في هذه المنطقة من المغرب، أي إخضاع هذه الحركة لمناهج التحليل العلمي، المعتمد على معايير موضوعية، اقتصادية واجتماعية وسوسيولوجية وتاريخية.
من الطبيعي، أن تهتم الأحزاب السياسية بالمبادرة، من خلال اتخاذ مواقف، تنطلق من موقعها، في الأغلبية أو المعارضة، قد تتأثر بتموقعات وبمنافع ومصالح، قد تكون صحيحة أو خاطئة، وستخضع بدورها للتحليل، كما أنه من الطبيعي أن تحاول الحكومة، البحث عن مخرج مناسب، مع الالتزام بالضوابط القانونية وبالبرامج والإجراءات التي تنظم العلاقات بين مختلف السلط، لكن هناك عمل آخر، من اللازم أن يتم إنجازه من طرف جهات أخرى، مثل الدارسين والجامعات ومراكز البحث المتخصصة في العلوم الإنسانية، بالإضافة إلى المنظمات الحقوقية، التي من واجبها إنجاز تقارير جدية، حول مختلف التطورات، بكل نزاهة و موضوعية.
المقصود بهذا الحديث، هو المساهمة في أن تتعدد مقاربة الحركة الاجتماعية في منطقة الحسيمة، حتى لا تظل حبيسة بُعدٍ واحدٍ، قد يكون بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، لأن هناك أبعادا متعددة، من المفيد استحضارها، ويمكن أن نقدمها كفرضيات، تساعد على تحليل هذه الحركة الاحتجاجية. فهي على عكس كل الحركات والانتفاضات التي عرفها المغرب، دامت شهوراً، وليس أياماً، كما كان يحصل في السابق. استمرار هذه الحركة طول هذه المدة الزمنية، يطرح تساؤلات من الممكن أن يكون فيها البحث مجدياً.
وارتباطاً بهذه الملاحظة، يمكن التساؤل حول أهداف الحركة، التي تحدد هويتها، عبر شعارات ومطالب ملموسة، وهذا مدخل قد يساعد البحث العلمي، كما قد يساعد الحكومة والأحزاب السياسية، لفهم جوهرها وتوجهاتها.
هناك معطى آخر، قد يساعد على الفهم، ويٓهُمّ الأطراف التي قد تكون مساهمة في هذه الحركة، إذ لا يمكن أن تحصل أية عملية بهذا الشكل، ممتدة في الزمن، دون أن تظل بعيدة عن أي تدخل «سياسي»، لكن ما هو حجم هذا التدخل؟ ثم ما هو تأثير الإشكالات اللغوية والثقافية، وتأثيره، وما هو ثقل تاريخ المنطقة في هذه الحركة، ودور وسائط التواصل الاجتماعي والتكنولوجيات الحديثة؟
خارج الإكراهات السياسية، التي تكبل الحكومة والأحزاب، هناك فضاء أوسع، للبحث والتقصي، في هذه الاحتجاجية بمنطقة الحسيمة، لفهم الحقائق، التي ستفيد كثيراً في دراسة الحركة الاحتجاجية، التي مازالت متواصلة، والتي يمكن اعتبارها مؤشرا، لشكل جديد من الحركات الاحتجاجية، مع الوعي بأن ما حصل في هذا الإقليم، من الريف، يتميز بخصوصيته.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا