احتفلت الشغيلة بعيدها الأممي، يوم أمس، من خلال التظاهرات المنظمة من طرف مختلف النقابات، حيث عرضت فيها مطالبها وشعاراتها، لأنها مناسبة سنوية هامة في مسارها، ومازالت كذلك، رغم بعض مظاهر الفتور التي أخذت تتطور في المغرب، لأسباب متعددة، في تناقض تام مع الحاجة القصوى للفعل النقابي، للدفاع عن الحقوق الاجتماعية للطبقة العاملة وكل فئات الشغيلة، التي تعاني من ظروف صعبة على كل المستويات.
ظاهرة الفتور، ليست حصراً على المغرب، بل إن تجلياتها بدت واضحة، بتفاوت، في العديد من البلدان، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تحليل ودراسة جدية، حسب ظروف كل بلد، لأن هناك أسبابا داخلية، نابعة من تاريخ وبنيات المؤسسات السياسية والنقابية والدولتية، وأيضا الثقافة الاحتجاجية والوعي العام، إلا أن هناك أسبابا مرتبطة بالمناخ السائد في العالم، من تغول للرأسمال ومظاهر العولمة والتحولات، التي أحدثتها وسائل التواصل الجديدة في علاقات الناس والأشكال المختلفة من التأطير والتعبئة، وغيرها من التطورات الكبرى التي يشهدها العالم في القرن الواحد والعشرين.
غير أن الأوضاع في العالم، وأيضا في المغرب، تؤكد أن هناك حاجة ماسة لتقوية العمل وبنيات العمل النقابي، كأداة ناجعة للنضال من أجل الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشغيلة، التي ازدادت معاناتها من التسلط الرأسمالي، إذ لا يوجد بديل آخرعن النقابات، في تأطير الشغيلة وتنظيم نضالاتها مثل الإضراب ومختلف أشكال الاحتجاج، والقدرة على التفاوض وتحقيق المكتسبات.
لذلك يمكن القول إن الشأن النقابي، في المغرب، ينبغي أن يحظى بالأولوية، ليس من طرف النقابات وحدها فحسب، بل أيضا من طرف كل الهيئات السياسية الديمقراطية ومن طرف كل منظمات المجتمع المدني المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى مراكز البحث والدراسات والإعلام.
فالشغيلة وعموم الجماهير الشعبية، تحتاج إلى أداة للنضال الاجتماعي، كشكل منظم ومؤطر ومخطط، وليس بطرق عشوائية، ولاتوجد اليوم أداة بهذه المواصفات، سوى النقابات القوية، ويشهد التاريخ أنها حققت مكتسبات كبيرة لصالح الشعوب، في مختلف بقاع العالم، لأنها من أرقى ما أنتجته البشرية من تنظيمات، منذ أن ظهرت الرأسمالية.