يونس مجاهد
من المؤسف جداً أن يتحول المكسب الذي تحقق في المغرب، بتحرير القطاع السمعي البصري، لتكريس التعددية والحق في الاختلاف وحرية التعبير، إلى فرصة للتهجم على بعض الأحزاب والهيئات النقابية والشخصيات السياسية، وتصفية الحسابات، و التخلي المطلق عن واجب الموضوعية والتوازن وأخلاقيات المهنة، الضرورية، خاصة من طرف محطات إذاعية، من المفترض فيها احترام دفتر التحملات والقوانين المؤطرة لعملها.
النموذج الصارخ لهذا الانحراف عن واجب النزاهة والموضوعية، تجسده محطة «لوكس راديو»، خاصة في البرنامج الصباحي الذي تقدمه، والذي يشارك فيه صحافيون وأساتذة، دائمون، يعلقون على الأخبار والأحداث، يعبرون عن قناعاتهم الشخصية، في كل شيء، مهما كانت القضايا المطروحة، سياسية واقتصادية واجتماعية و ثقافية وتكنولوجية وبيئية… و كل ما يمكن أن يخطر على بال المستمع.
من المؤكد أن هناك صعوبات للإلمام بكل القضايا المطروحة في هذه المحاور الكبرى، والتعليق الجيد والعميق عليها، غير أن هذا يظل اختيار المسؤولين عن المحطة، ويخضع تقييم جودته للمستمع. لكن ما هو غير مقبول، هو أن يتحول النقاش المنظم في هذا البرنامج الصباحي، خاصة لما يتعلق الأمر بالحياة السياسة في المغرب، إلى صخب و مزايدات، وكأن الأمر يتعلق بفصيل يساري متطرف، يُصٓرٍفُ مواقفه العدائية، وأحيانا العدوانية، ضد بعض الأحزاب والهيئات والشخصيات.
المتتبع لهذا البرنامج، على الخصوص، سيلاحظ أن الأمر لا يتعلق بالنقد، المستند إلى الحجج وإلى الدلائل الموضوعية، بل بمواقف نمطية مسبقة، تعتمد في الكثير من الأحيان على ترديد الإشاعة الرائجة في شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الانطباعات، وعلى جهل بكافة المعطيات، تُقٓدّمُ في صيغة التحامل والتهجم، التي تصل أحيانا إلى حد القذف.
بل أكثر من ذلك، فبعض الأساتذة المشاركين في هذا البرنامج، يقومون بالدعاية الواضحة لصالح أحزاب، بينما يسيئون لأحزاب أخرى، وهو الأمر الذي لا يستقيم، من طرف محطة إذاعية، من المفترض فيها أنها تشتغل طبقاً لقوانين مؤطرة، تمنعها من أن تتحول إلى لسان حال حزب معين، أو تتخصص في جٓلْدِ حزب آخر.
كان هدف تحرير القطاع السمعي البصري، الذي ناضلت من أجله الهيئات والشخصيات التي يتهجم عليها «لوكس راديو»، هو الارتقاء بالحياة السياسية، لكن للأسف، وكما يحصل تجاه كل المكتسبات، هناك البعض الذي يقطف ثماراً لم يناضل من أجلها، ويسيء إليها.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا