هو ورش مستعجل إذن، ضخ فيه الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش نفسا جديدا، وجعله من أولوية الأولويات . إنه الإدارة المغربية وحكامتها، والموظفون وأداؤهم، والمسؤولون ومحاسبتهم . لقد راكمت الادارة المغربية أعطابا عدة، سواء على مستوى علاقتها بالمواطن أو في آليات اشتغالها . وجثم الفساد على صدرها، واستفحلت أمراضها، وأصبحت أكبر عائق في وجه التنمية والتقدم … هذه هي صورة مختصرة لواقع يتطلب اليوم قبل الغد تغييره، وتعبئة كل الجهود من أجل القيام بوقف تدهوره، ومن أجل إنتاج النصوص القانونية، والآليات الضرورية، كي تستعيد الإدارة ثقة المواطن بها .
الخطاب الملكي في نقده للأداء الإداري، يشكل امتدادا لخطاب افتتاح الولاية التشريعية الحالية، حيث خصصه جلالة الملك لموضوع الإدارة، قال فيه جلالته بأن «المرافق والإدارات العمومية، تعاني من عدة نقائص، تتعلق بالضعف في الأداء، و في جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين، كما أنها تعاني من التضخم، ومن قلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين.
وإن الإدارة «تعاني، بالأساس، من ثقافة قديمة لدى أغلبية المغاربة. فهي تشكل بالنسبة للعديد منهم مخبأ، يضمن لهم راتبا شهريا، دون محاسبة على المردود الذي يقدمونه».
وأضاف جلالته بأن»الصعوبات التي تواجه المواطن في علاقته بالإدارة كثيرة ومتعددة، تبتدئ من الاستقبال، مرورا بالتواصل، إلى معالجة الملفات والوثائق؛ بحيث أصبحت ترتبط في ذهنه بمسار المحارب».
وهاهي الإدارة، تشكل من جديد أحد ابرز محاور خطاب عيد العرش . فتهاون المسؤولين الإداريين محليين أو على الصعيد الوطني في أداء مهامهم وفي الاستماع للمواطنين، والاجابة عن تساؤلاتهم، والحرص على إنجاز المشاريع، وعلى جودة الخدمات، وصيانة البنيات والمرافق، كل هذا وغيره، يقف عائقا في وجه التنمية والاستثمار، ويدفع إلى الاحتجاجات والاحتقان في أكثر من منطقة.»فالواجب إذن، يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل».
التشخيص الملكي في محطتي افتاح البرلمان، وبمناسبة عيد العرش، يجب أن يشكل مرجعا للحكومة، ويوفر الإمكانيات للوزارات المعنية، ومنها الوزارة المنتدبة، قصد إجراء إصلاح عميق، بكل جرأة وشجاعة، قصد معالجة الأعطاب، وإعادة تأهيل العنصر البشري، والمصالحة مع المواطن، وبناء الثقة معه، ابتداء من طريقة استقباله، والانصات إليه، والاهتمام بمطالبه وشكاياته وتظلماته، دونما مماطلة وتسويف وتلكؤ وابتزاز…
صحيح أن البرنامج الحكومي، التزم بتنفيذ عدة إجراءات من أجل إصلاح أعطاب الإدارة ومعالجة أمراضها . ونأمل أن يتحقق ذلك، بدعم كل الأطراف، حتى لا تبقى هذه الادارة تسلب للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها، وحتى لا يستمر المسؤول في عرقلة حق، أقره الدستور والقانون، وحتى لا يظل المواطنون يشتكون من الشطط في استعمال السلطة والنفوذ، على مستوى مختلف الإدارات، ومن تعقيد المساطر، وطول آجال منح بعض الوثائق الإدارية.

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي