29 سبتمبر 2017

يونس مجاهد
اِنتشرت الأخبار والتعليقات، خلال هذه الأيام، حول حدثين مهمين، ما يفرقهما أكثر مما يجمعهما، ويتعلق الأمر بنجاح المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في الفوز بالانتخابات مرة أخرى، وبالقرار الذي اتخذته السعودية، بالسماح للنساء بسياقة السيارات.
لا يمكن مقارنة الحدثين، لأنهما مختلفان تماما من حيث الدلالة والسياق، لكن رغم ذلك فإن التعليقات الكثيرة التي راجت في شبكات التواصل الاجتماعي، حاولت أن تعكس المفارقة بين مجتمع تقود فيه امرأة، دولة من أهم الدول، ومجتمع مازال يعتبر منح المرأة حق السياقة، فتحا كبيرا.
غير أن المفارقة الأخرى التي يمكن تسجيلها، كذلك، هي أن الألمان مثل السعوديين، يستعملون التكنولوجيات الحديثة والسيارات وكل منتوجات العصر، غير أن الفرق هو أن الألمان ينتجون منها الكثير، والسعوديين يستهلكون منها الكثير.
استهلاك التكنولوجيا لا يعني أن المجتمع متقدم، بل يمكن أن تستخدم منتجاتها لإدامة التخلف، كما حصل مع السيارات في السعودية، حيث تجد أحدث طراز منها في هذا البلد، لكن النساء كانوا ممنوعات من سياقتها، كإجراء تعسفي يكرس المنظور السائد لها في المجتمع، والذي يستمد مرجعيته من الفكر الديني.
ما يفرق كثيرا بين المجتمع الألماني والمجتمع السعودي، هو العقلية، وهي التي تترتب عنها كل الاختلافات، سواء في قضية المرأة أو إنتاج التكنولوجيا والعلم والمعرفة، وغير ذلك من اختلافات هائلة، في نمط العيش والنظام السياسي، رغم أن مظاهر البذخ والسيارات الألمانية الفارهة، قد تكون مستهلكة في السعودية أكثر منها في ألمانيا.
الاختلاف بين الحالتين لا يمكن تفسيره إلا بما يسمى التخلف التاريخي الذي تعيشه السعودية وكل البلدان العربية الإسلامية، بتفاوت، نتيجة الإيديولوجية السائدة، فهي السبب الرئيسي في تجميد العقل وتسييد الخرافة واستبداد التقليد والرجعية والتزمت والنفاق.
ويمكن القول إن تجاوز هذا الوضع لن يكون سهلا، إذ يمكن بكل سلاسة تغيير السيارة بسيارة أخرى من آخر طراز، مصنوعة في ألمانيا، وفتح الأسواق لبيع منتجات عصرية وتشييد الأبنية الفخمة، ولكن لا يمكن تغيير العقليات إلا بنضال طويل ومرير، ضد طوابير الرجعية والتخلف التاريخي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج

 إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب: الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة ولا تميز بين الزيادة العامة في الأجور وإصلاح نظام التقاعد!

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة 

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي