أصبح موضوع حماية الصحافيين ومكافحة الإفلات من العقاب ينال اهتماما كبيرا من طرف الهيئات الدولية، مثل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، كاليونسكو، وكذا مجلس أوروبا والبرلمان الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، بالإضافة إلى جامعات ومنظمات عالمية مهتمة بحرية الصحافة، حيث يتعرض عدد من الصحافيين كل سنة للاغتيال، وهذه الممارسة القصوى، ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم، كما أطلقت عليه جامعة فيينا، التي أعدت تقريرا علميا حول هذا الموضوع.
التقرير تم إعداده من طرف مختبر الدراسات حول حكامة وصناعة وسائل الإعلام التابع لهذه الجامعة التي قدمته في اجتماع بفيينا، يوم أمس، بمقر منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، والذي رصد من الفترة الممتدة من بين سنة 2000 إلى سنة 2016، 1632 حالة، في كل أنحاء العالم، وأكد أن المنظمات الدولية أعدت 122 وثيقة، بخصوص هذه الممارسات، التي تهدف عملياً إلى قمع حرية الصحافة وإسكات الصحافيين، منهم من تٓمّ إسكاته إلى الأبد.
الإشكال الذي تطرحه هذه الدراسة، وكذلك المشاركون في هذا اللقاء، هو ما هي الميكانيزمات الممكنة لحماية الصحافيين من هذه الانتهاكات، التي يعتبر القتل أقصاها، لكن ما هو كامن تحت جبل الجليد العائم أضخم وأكبر عددا، مثل الضرب والتعذيب والاختطاف، وكل أشكال الترهيب والتهديد والتحرش، التي تهدف إلى منع الصحافيين من الاقتراب من بعض الموضوعات المحرَّمة.
المثير في الدراسة هو أَن هذه الممارسات تحصل كذلك في أوروبا، خارج تركيا وروسيا، كما اعتبرت أَن الولايات المتحدة، من بين البلدان التي تعتبر فيها الصحافة، مهنة خطيرة.
البلدان التي تصدرت لائحة الاعتداء على الصحافيين، هي العراق سوريا والفلبين، بسبب النزاعات المسلحة، غير أن هناك بلدانا أخرى مثل الباكستان والهند والمكسيك وكولومبيا… حصل فيها قتل عشرات الصحافيين من طرف المافيات، دون أن يتم فتح تحقيقات جدية للوصول إلى المجرمين من أجل معاقبتهم.
الإفلات من العقاب، هو القاسم المشترك بين أغلب بلدان العالم في موضوع الاعتداء على الصحافيين، حيث تتعامل السلطات بنوع من التواطؤ أو الاستهانة مع هذا الملف، مما أصبح يُحٓتّم على الهيئات الدولية التدخل في الموضوع، للبحث عن آلية ناجعة لحماية الصحافيين، أي حماية حرية الصحافة واحترام حق المواطن في تلقي الأخبار والتعرف على الحقائق.