من المؤكد أن الإجراءات التي أعلن عنها وزير التربية الوطنية، محمد حصاد، بخصوص محاربة ترويج واستهلاك المخدرات، داخل المؤسسات التعليمية، أمر محبذ، لأن الظاهرة استفحلت، دون أن تنال اهتماماً كافياً، من طرف السلطات الأمنية والمسؤولين في أكاديميات ونيابات التعليم.
ورغم أن الوزير تحدث في تصريحاته عن المقاربة الشمولية، لمحاربة هذه الأفعال الإجرامية، بكل صرامة، وفي تنسيق مع المعنيين بهذا الملف، فإن المسألة تحتاج إلى جهد كبير على عدة مستويات، فهناك التلاميذ أنفسهم، الذين يستهلكون المخدرات، ومنهم من يروجها، وهم في أغلبيتهم من الضحايا المدمنين، بالإضافة إلى نساء ورجال التعليم، الذين لا يمكن تجاهل مساهمتهم في محاربة هذه المصيبة، كما أن للأسر دورا حاسما في دعم هذا المجهود الجماعي.
وإذا كانت الصرامة ضرورية، فإن معالجة الإدمان، في إطار عمل مشترك بين مختلف هذه الأطراف، سيكون حاسماً للتقدم في المكافحة، غير أن هناك ما هو أخطر، وهو محيط المؤسسات التعليمية، الذي يعتبر الفضاء المثالي لمروجي المخدرات، وهم يتكونون من مجموعات تنطبق عليهم كل مواصفات العصابات المنظمة، ويلجأون لكل أساليب الاستدراج والضغط والتهديد، كمحترفين لهذا العمل الإجرامي.
والغريب في الأمر ،أن هذه المعطيات متوفرة لدى التلاميذ، حيث يتحدثون عن عصابات خطيرة، تنظم مناطق اشتغالها فيما بينها، وتدخل في مواجهات، أحياناً، في إطار نزاعها حول الأسواق، وتهدد كل من يقف في طريقها، مستعملة في ذلك كل الأساليب المعروفة لدى المافيات.
فالأمر يتعلق أولاً وقبل كل شيء بالجريمة المنظمة، التي تقع مسؤولية محاربتها ووضع حدٍ لأنشطتها، على عاتق السلطات الأمنية، لأن لهذه السلطات تخصصها المهني والقانوني، ولا يمكن أن يقوم بهذا العمل أي طرف، غيرها.
لذلك، يُنتظر من الحملة، التي أعلن عنها حصاد، أن تعتمد أساساً على المجهود الخاص الذي ينبغي أن تبذله شرطة مكافحة المخدرات، بتنسيق مع الوحدات الأمنية الأخرى، لأن التلميذ المستهلك أو المروج، للمخدرات ليس سوى الحلقة الضعيفة والأخيرة في الشبكة، بينما يجب قطع رؤوسها، حتى تنجح الحملة.