من أفضل الحملات التي تروج، حالياً، في الفايسبوك، الدعوة للمشاركة المكثفة في الانتخابات القادمة، جماعية وتشريعية، بهدف عدم ترك المقعد الفارغ، الذي يستغله المنتفعون وغيرهم من أصحاب المصالح والأهداف الانتهازية، للهيمنة على الجماعات المنتخبة والبرلمان، وتصبح لهم بذلك السطوة الكاملة على القوانين والقرارات، أي على مفاصل هامة في السلط الجماعية والتشريعية والتنفيذية.
الحملة مازالت في بدايتها، وينبغي في نظري، تشجيعها والمساهمة المكثفة فيها، لأنها تشكل أحد الأجوبة الموفقة على الوضع السياسي الراهن، الذي ليس سوى نتاج، في جزء رئيسي منه، للعزوف الذي تميزت به الاستحقاقات الأخيرة، حيث لم تتمكن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، من تجاوز سقف خمسين بالمئة، بالإضافة إلى أن حوالي نصف الذين يحق لهم التسجيل في اللوائح الانتخابية، غير مسجلين.
من الممكن الجزم بأن هذا المعطى، يشكل أحد أسباب الأزمات التي يعيشها المشهد السياسي، في المغرب، حيث تمتنع فئات واسعة، عن المشاركة في الاستحقاقات، ليس لأنها غير مهتمة بالشأن العام، لكن لأنها فقدت الثقة في التغيير بواسطة المشاركة في الانتخابات، تاركة المجال مفتوحاً على مصراعيه، أمام نموذج يتشكل من أغلب المرشحين، الذين يشترون الأصوات، بمختلف الوسائل، على شكل رشاوى انتخابية مباشرة أوتحت مظلة المساعدات الخيرية والاحسانية.
ومن المعروف أن العزوف عن المشاركة في الانتخابات، يؤدي دائما إلى فوز قوى يمينية، لأنها تستقطب أنصارها بأساليب لا علاقة لها بالديمقراطية، بل بمصالح وشبكات انتفاعية، لذلك تكون قوى اليسار هي الخاسر الأكبر من العزوف، غير أن الأمر لا يقف عند حد الحث على المشاركة، بل ينبغي تعزيز هذه الحملة بشعارات أخرى لإصلاح المنظومة الانتخابية، وعلى رأسها محاربة استعمال المال والمساعدات، كآلية لاستقطاب الناخبين.
وفي جميع الأحوال، إن الوعي بأهمية المشاركة الانتخابية، مسألة حاسمة لصالح القوى الديمقراطية، لكن حتى تكون الحملة ناجعة، من اللازم أن تتطور على شكل برنامج متكامل لإصلاح المنظومة الانتخابية لمحاربة شبكات الأعيان واستغلال الحاجة للمساعدات، لتوظيفها انتخابياً وسياسياً.