26 فبراير 2019

يونس مجاهد
يمكن اِعتبارالقمة العربية الأوروبية الأولى، التي نظمت في شرم الشيخ، محاولة جيدة للبحث عن سبل تقوية العلاقات، بين ضفتي المتوسط، الذي يسمى بـ «العالم القديم»، والذي كان مركز الحضارة الإنسانية، لمدة قرون طويلة، وهيمنت عليه اِمبراطوريات، تناوبت على المكانة الأولى، على مختلف المستويات، السياسية والاِقتصادية والعسكرية والثقافية، كما شهدت المنطقتان العربية والأوروبية، علاقات متواصلة، تراوحت بين التعاون والتناحر والنزاع والتفاهم، لكنها أنتجت تلاقحا حضاريا لا تخفى ملامحه وآثاره.
ورغم أن القمة هي الأولى من نوعها، بين رؤساء دول المنطقتين، إلا أن عدة اِجتماعات مشابهة، سبق أَن عقدت، خاصة على صعيد العلاقات المتوسطية، لذلك يمكن القول إن القضايا التي طرحت في شرم الشيخ، مثل التعاون الاِقتصادي ومشكلة الهجرة وخطر الإرهاب، ليست جديدة، غير أن الجديد هو مفهوم القمة في حد ذاته، بين الدول العربية في الجامعة العربية، والدول الممثلة في الاِتحاد الأوروبي.
وقد علقت العديد من الصحف الأوروبية، على أهمية القمة، على مستوى التنمية الاِقتصادية، ومعالجة مشاكل الهجرة، ومكافحة الإرهاب، بينما هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبر أن الأوروبيين يريدون التأكيد لأمريكا وروسيا والصين، أنهم لن يتخلّوا لهم عن جيرانهم جنوب المتوسط، وهي المنطقة التي كانت تاريخيا مرتبطة بروابط قوية، ووقعت منذ نهاية القرن التاسع عشر تحت النفوذ الأوروبي.
لقد جرت مياه كثيرة تحت جسر هذا الواقع، بعد أَن أصبح لأمريكا نفوذ قوي، خاصة في الشرق الأوسط والخليج العربي، بالإضافة إلى الدور الروسي المتزايد، في المنطقة، والتموقع الاقتصادي الصيني، مما يدفع الأوروبيين إلى التساؤل الجدي عن مستقبل وضعهم في جنوب «العالم القديم»، الذي يعاني مشاكل معقدة، أخطرها عدم الاِستقرار الذي تعيشه العديد من الدول، الأمر الذي ينعكس مباشرة على أوروبا قبل أي قارة أخرى.
من المؤكد أن قمة شرم الشيخ، لن تقدم أجوبة شافية على هذه الأوضاع، لكن اِلتئامها في حد ذاته، يشكل خطوة متقدمة، وتكريسها يحتاج إلى شجاعة من الطرفين. الطرف العربي، مطالب بالتوجه نحو الديمقراطية ومكافحة التطرّف الديني، دون تردد، والطرف الأوروبي، مطالب بالتوفر على رؤية اِستراتيجية أعمق، تبدأ من الوعي بالأولوية القصوى للقضية الفلسطينية، وبمواجهة التدخلات الأجنبية في المنطقة، والتي ساهمت فيها دول أوروبية، تحت رعاية أمريكا، لكنها لم تنتج سوى الدمار والخراب والإرهاب،

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..