رغم أن إعلان انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية، من منظمة اليونسكو، بسبب اتهام هذه المنظمة الدولية، بالتحيز ضد إسرائيل، لم يحظ بالاهتمام الكافي من طرف وسائل الإعلام، خاصة على مستوى تحليل نتائجه وأبعاده، إلا أن الأمر يستحق التوقف والتأمل، لأنه يتضمن مواصلة تشجيع الكيان الصهيوني على التمادي في احتلاله الغاشم وفي تحديه السافر لكل قرارات وتوصيات الأمم المتحدة.
وكما تم الإعلان في حينه، فقد انسحبت أمريكا وتبعتها إسرائيل، من اليونسكو، بعد أن سجلت هذه الأخيرة المدينة الفلسطينية، الخليل، كتراث إنساني عالمي، غير أن واشنطن كانت قد أوقفت حصتها من تمويل المنظمة، سنة 2011، بعد أن قبلت عضوية دولة فلسطين.
ويمكن القول، إن الولايات المتحدة الأمريكية، تساهم بقسط وافر في اضطهاد الشعب الفلسطيني، من خلال دعمها اللامشروط للكيان الصهيوني، على مختلف المستويات، إلى درجة أن خلفيات هذا الدعم أصبحت موضوعا للدراسة والبحث، لفهم دوافعه وأبعاده.
هناك دوافع متعددة، حسب مختلف الدراسات، من بينها المرجعية الدينية، في أمريكا، حيث مازالت منتشرة أصولية مسيحية، تعتبر أَن تاريخ المهاجرين الأوائل، وهم متشددون دينيون، للقارة الجديدة، كأرض للميعاد، يطابق الإيديولوجية الصهيونية، فالكل «أبناء إسرائيل».
غير أنه بالإضافة إلى كل هذا، هناك التحالف الاستراتيجي، الذي يعتبر المفكر ناعوم تشومسكي، أنه تطور بعد حرب 1967، عندما تمكنت إسرائيل من إلحاق الهزيمة العسكرية بمصر، التي كان توجهها القومي، في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، يعتبر تحدياً كبيرا للقوى الإمبريالية.
منذ ذلك الحين، يقول تشومسكي، أصبحت واشنطن عرّابَ تل أبيب، في كل سياساتها العدوانية والاستيطانية والعنصرية، وقد تكرس ذلك على طول التاريخ.
من بين تجليات هذا الدعم اللامشروط، التوقيع في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، على دعم بمقدار 38 مليار دولار، كمساعدة عسكرية، تمتد من سنة 2019 إلى سنة 2028، ووصفه الطرفان بأنه أهم اتفاق تعاون عسكري، في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك، فإن الانسحاب من اليونسكو، لصالح دولة الكيان الصهيوني، ليس سوى جزءٍ بسيطٍ من حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي، الذي هو في الحقيقية صراع مع الكيان وعرّاب الكيان.