فتح الله رمضاني

شكلت مؤتمرات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دائما، لحظات مهمة في حياة الحزب التنظيمية و السياسية، حيث كان الاتحاديات و الاتحاديون يجعلونها فرصة لتقييم أدائهم النضالي للمرحة التي سبقتها من جهة، ومن جهة أخرى فرصة للتفكير في المرحلة التي تليها، وبشكل يتأسس على التفكير في الأساليب الممكنة لإدراك المغرب الذي يريدونه، ويستند على هويتهم الاشتراكية الديمقراطية، التي تجعل الشأن التنظيمي مترابطا مع الطرح السياسي، ترابطا جدليا.

وهذا ما يفسر انكباب الاتحاد الاشتراكي دائما، وبالموازاة مع نقاش ما هو سياسي، على التفكير وفي كل محطة في تقييم مدى نجاعة بنيات الحزب التنظيمية في لعب أدوارها الرئيسية، وهي ربط الحزب بأكبر عدد من مواطنات ومواطني هذا البلد باختلاف أنواعهم الاجتماعية ، وإيصال مشروعه إلى كل جيوب المجتمع المغربي.

وهي القناعة، التي حكمت الاتحاديون اليوم وهم يحضرون لمؤتمرهم العاشر، وبهذه الصورة، التي اختلفت عن ما سارت عليه الأحزاب الأخرى، والتي جعلت عملية التحضير لمؤتمراتها، محفوفة بسرية تامة، و كأنها تنظيمات سرية أو ستالينية.

 صورة كان عنوانها الانفتاح، من خلال إشراك جميع البنيات التنظيمية المحلية، في عملية نقاش الأوراق الموجهة إلى المؤتمر العاشر، ذلك لأن هذه البنيات، هي في الأصل بنيات قرب، تتأثر بانتظارات المواطنين الذين يشكل المسؤولون فيها جزء منهم، و كان مضمونها، استشراف مستقبل الاتحاد، بشكل يؤطر المرحلة التي ستلي المؤتمر، سياسيا، فكريا و تنظيميا، بمعنى أنه وطيلة هذه الأشهر الثلاثة التي سبقت المؤتمر، كان الاتحاديون خلالها، ينضجون النقاش حول مستقبل حزبهم، فيما بينهم من جهة، ومن جهة أخرى فيما بينهم و بين المغاربة المهتمين بشؤون الاتحاد الاشتراكي.

هكذا حاول الاتحاديون، وهم يستعدون لعقد مؤتمرهم العاشر، أن يجيبوا على مجموعة من الأسئلة المطروحة على حزبهم، وبشكل يستحضر تجارب العديد من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية العالمية، التي اختلفت أساليبها، وتكتيكاتها، في التعامل مع المتغيرات والتطورات التي أثرت في طبيعة المجتمع الدولي، والتي كان عنوانها استفحال هيمنة الرأسمالية، التي دفعت في اتجاه تغول الحركات المحافظة عالميا،  وهو التغول الذي يجسد تنامي حضور الحركات الدعوية، وأذرعها السياسية بالمغرب، صورة له على المستوى الوطني.

 وانطلاقا مما  تشكله تصورات هذه الحركات من خطر على مستقبل الديمقراطية في المغرب، كان لزاما التفكير، واستنادا دائما على تجارب العديد من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في العالم، في الأساليب الممكنة، التي من خلالها سيتمكن الاتحاد الاشتراكي، من المحافظة على مكانته وسط المشهد السياسي المغربي، ومن الاستمرار في لعب أدواره التي نشأ من أجلها، وهي النضال من أجل ديمقراطية حقيقية، و بناء دولة وطنية.

هذا النقاش السياسي، يدفع في اتجاه تحيين العديد من الأجوبة، والمرتبطة بتصورات الحزب، ومواقفه، وتكتيكاته، في علاقتها بتحالفاته، والتي كانت دائما خاضعة لمنطق الموقع السياسي الذي كان يتموقع فيه الحزب داخل المشهد السياسي المغربي، في حين أن الممارسة السياسية السليمة، تفرض الدفع في اتجاه تقاطبات أساسها المشاريع المجتمعية، و التصورات الفكرية، خصوصا أن الواقع السياسي المغربي اليوم، يكشف أن هناك نزعات تكابر من أجل إقامة مغرب يناقض في طبيعته، طبيعة المغرب الديمقراطي الحداثي الذي يريده الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

ولأن الاتحاديون مؤمنون بأن أي مشروع سياسي مهما كانت درجة واقعيته، ومهما كانت نسبة صحة تحليلاته وتوصيفاته، فهو  لا يمكنه أن يكون محط التفاف من طرف المغاربة، إلا إذا كان ينبض بنبضهم،  وهو الأمر الذي اجتهد فيه الاتحاديون دائما، من خلال التفكير في آليات لتأهيل أداتهم التنظيمية، وبشكل يجعلها قنطرة تربطهم بأكبر عدد من المواطنات و المواطنين، فقد حاولوا وهم يستعدون للتأسيس لمرحلة حزبية جديدة، تكون انطلاقتها مؤتمرهم العاشر، أن يجعلوا الأداة التنظيمية للحزب، أكثر مرونة، و أكثر حداثة، و أكثر قدرة على استيعاب أكبر عدد من الطاقات الاتحادية، ذلك لأنهم مقتنعين، أن من بين أهم الأسباب التي أثرت في أدائهم النضالي وبشكل سلبي، هو أن الحزب وخلال كل محطة تنظيمية، كان يعيش لحظة تهدر فيها الطاقات، و تتوزع فيها الجهود.

وليتوصلوا إلى خلاصة مفادها، أن أجهزة الحزب من المفروض أن تشكل وعاء يستوعب كل الطاقات الاتحادية، لا أن تكون ساحات للصراع، بحيث يصبح التدافع و التنافس بين الاتحاديين، تنافس في الأداء، وفي الحضور، وفي خدمة مشروع الحزب، وليس تدافعا و تنافسا للاستيلاء على أجهزته.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023