خطوة مهمة تلك التي تتمثل في زيارة وفد من الحكومة الفلسطينية يقوده رئيسها إلى قطاع غزة . خطوة لا يمكن إلا الإشادة بها والتنويه بها لأهميتها في الزمان والمكان. وقد بدا جليا من خلال الحفاوة والأنشطة التي عرفها قطاع غزة خلال اليومين الماضيين أن الزيارة مطلب شعبي فلسطيني له دلالات عدة كما له رسائل سياسية لمن يعنيهم الأمر.
قطاع غزة الذي يعيش تحت حصار إسرائيلي قاس وظالم، منذ أكثر من عقد من الزمن، يعيش مآسي عدة، هي بالأساس نتيجة الاحتلال الذي جثم على صدر القطاع منذ خمسين سنة، وثانيا للعدوان المدمر الذي شنته إسرائيل على مرحلتين في سنة 2008 و سنة 2014 حيث قتلت المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، وحولت أحياء سكنية إلى خراب. وثالثا لفرضها لحصار يمنع الغذاء والدواء عن أكثر من مليون شخص، انتقاما لصمودهم الذي تكسرت عليه الغطرسة الصهيونية بمؤسساتها العسكرية والمخابراتية والسياسية.
وقطاع غزة الذي تتواجد فيه بشكل كبير حركة حماس، وتسيطر على مفاصله الإدارية والسياسية والأمنية، وجد نفسه في صلب خلافات عميقة بين هذه الحركة وبين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية . وقد أثرت هذه الخلافات بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي على سكان القطاع، خاصة بعد إقدام السلطات المصرية على إغلاق معبر رفح، والحد من انسياب حركة العابرين منه وإليه.
أما أن يزور رئيس الحكومة الفلسطينية القطاع، فذلك توجه جديد في سياق المصالحة الوطنية الفلسطينية بين قوتيها الرئيستين حركتيْ فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، وحماس التي يقودها اسماعيل هنية . ولاشك أن الاحتلال الاسرائيلي أفاد بالدرجة الأولى من الخلاف بين هاتين الحركتين، بل غذى الاقتتال بينهما، وعمل على أن لا يحصل أي تقارب أو مصالحة .
إن الدولة الفلسطينية اليوم، بحاجة إلى ضفتها، وقطاعها، وقدسها، من أجل بناء الوطن الفلسطيني، والاستمرار في مقاومة الكيان الاسرائيلي الغاصب. وبالتالي، يجب ترسيخ فكرة الدولة البيت المشترك لكل الفلسطينيين، الذي يسمو على الفصيل أو الحركة أو التيار… ومن شروط هذه الدولة المصالحةُ بين سائر مكوناتها السياسية المؤمنة بفلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وأن يكون خيار الحوار، والاحتكام إلى الديمقراطية خيارا في العلاقات المؤسساتية المركزية والمحلية، حتى تحقن الدماء، وتتعزز الوحدة الفلسطينية .
نتمنى أن تكون الخطوة المتمثلة في زيارة الحكومة الفلسطينية للقطاع مدخلا لإنهاء الصراعات، وتحقيق المصالحة، وتكثيف الجهود، من أجل إنهاء الحصار الاسرائيلي، وأن تعي القيادة الفلسطينية، ومعها حركتا حماس وفتح وكل الفصائل بأن زمنا مهما تم تبذيره في مواجهات وخلافات،أثرت على وحدة الشعب الفلسطيني، وأن الشرط الأساسي والجوهري لترسيخ هذه الوحدة هو المصالحة، والتوجه نحو بناء الدولة..

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..