صوتت المعارضة الاتحادية، بالرفض، على مشروع القانون رقم 43.22 والذي يتعلق بالعقوبات البديلة.
جاء ذلك في جلسة تشريعية أول أمس الثلاثاء، خصصت للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية الجاهزة بمجلس النواب.
وأكد الفريق الاشتراكي «أننا كنا ننتظر أن يكون هذا المشروع نصا متقدما يجيب فعليا على الأسئلة المطروحة في الواقع المغربي. فلا مجال اليوم، للتذكير بالضرورة القصوى لاعتماد مقاربة شمولية ومندمجة للسياسة العقابية بما يجعل آلياتها ناجعة في الحد من خرق القانون وارتكاب الجرائم.»
وأشار الفريق الاشتراكي، إلى أن موقفه يأتي «ضمن هذه المقاربة التأصيلية لبدائل العقوبات السالبة للحرية التي باتت اختيارا حتميا وضروريا، انطلاقا من التطور اللافت الذي شهده العالم سواء على مستوى احترام حقوق الإنسان، أو على مستوى ابتكار صيغ جديدة للعقاب.»
وأكدت النائبة عائشة الكرجي باسم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية في مناقشة مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، أن إقرار العقوبات البديلة، توجه ينسجم مع مطالب الحركة الحقوقية المغربية، ويكرس التزامات المغرب الدولية في مجال العدالة، وهو التوجه الذي جاء نتيجة قناعة تامة بأن السياسات العمومية المتبعة لا تُسعف في الحد من تزايد الإجرام، وهو القصور الذي يصاحبه منطقيا ارتفاع مضطرد لأعداد نزلاء المؤسسات السجنية، وهو ما بات يمثل مشكلة حقيقية أمام بلادنا، ويؤثر بالسلب على قدرة السلطات السجنية على تدبير تلك المؤسسات، وبالتالي الاستجابة لحاجيات إعادة الإدماج الاجتماعي للسجناء والسهر على معاملتهم طبقا للقواعد والقوانين الجاري بها العمل.
وتابعت الكرجي في مداخلتها باسم الفريق: «إذا كنا نتفق على أهمية اعتماد العقوبات البديلة، انطلاقا من أثرها الإيجابي على مستويات الجريمة، ومن كونها حلا لمشكلة اكتظاظ مؤسساتنا السجنية، فنحن نؤكد أنها جزء من الحل فقط وليس كله، بمعنى أن إفراد عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية، لا يعني أبدا أننا وجدنا حلا لمشكلة الاكتظاظ بالسجون المغربية، على اعتبار أنها نتيجةٌ مباشرة للقصور الذي تعاني منه منظومة العدالة الجنائية بالمغرب، والذي يمكن أن نوجزه في أزمة الاعتقال الاحتياطي، هذه  الأزمة الذي تساهم فيها العديد من العوامل المرتبطة بتنفيذ سياستنا الجنائية، وبتجويد جميع الإجراءات الجنائية.»
وأوضحت عائشة الكرجي أن المعارضة الاتحادية تعتبر أن «أهمية ورش العدالة تتجسد في كونه ورشا مستمرا بأبعاد متعددة منها، بعد الإصلاح القانوني، الذي نؤكد أنه يجب أن يكون إصلاحا شاملا، وعليه فنحن نجدد التذكير بأنه كان من اللازم نقاش العقوبات البديلة في إطار مراجعة القانون الجنائي في شموليته، حتى لا نجد أنفسنا ملزمين مستقبلا، ونحن نناقش تعديل القانون الجنائي على معاودة النقاش بخصوص العقوبات البديلة، باعتبارها جزءا من مجموعة القانون الجنائي.»
وشددت الكرجي على أن التشريع في المجال الجنائي يجب أن ينضبط لقواعد السياسة الجنائية، لاسيما السياق العام والخاص، لذلك كان يتعين مناقشة مشروع القانون الجنائي برمته وعدم تهريب مقتضيات العقوبات البديلة وفصلها عن مشروع القانون الجنائي. كما تم تهريب العديد من المواضيع التي كان يتعين أن تناقش ضمن مشروع القانون الجنائي، كقانون العنف ضد النساء وقانون غسل الأموال والمقتضيات المجرمة للكسب غير المشروع ومقتضيات أخرى، مما سيفرغ القانون الجنائي من محتواه، تضيف النائبة البرلمانية.
وسجلت المتحدثة، أنه انطلاقا من موقع المعارضة الذي يشغله الفريق كفعل للممارسة السياسية القائمة على اليقظة وعلى المسؤولية والموضوعية في التعاطي مع جميع الملفات والقضايا المطروحة عليه، ومن مرجعيته السياسية والحقوقية، ساهم كفريق نيابي في عملية تجويد هذا المشروع، حيث عمل على إنضاج النقاش بخصوص مضامينه من خلال التشاور مع العديد من الفعاليات المدنية، وخاصة قطاع المحامين الاتحاديين، وهو ما مكن الفريق البرلماني من تقديم ما يزيد عن 60 تعديلا على المشروع الذي أتت به الحكومة، مؤكدة أنه لم يتم قبول إلا جزء قليل منها، وهو ما لا يرقى إلى طموح الفريق الاشتراكي وإلى رغبته في تجويد هذا النص، «وما يجعلنا متشبثين بالدفاع عن مقترحاتنا إيمانا منا بضرورة وأهمية تضمينها في النص النهائي.»
وأشارت الكرجي إلى أن الحديث عن إقرار عقوبات بديلة، باعتبارها بديلا عن العقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد، لا معنى له بجعلها مقتصرة على الأحكام التي تصدر العقوبة فيها لمدة تقل عن خمس سنوات، خاصة أن العديد من التجارب المقارنة تعتمد في إقرارها مُددا أقل مما هو مقرر للجنح، حيث من الممكن أن نجد إقرار عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية التي تقل عن ستة أشهر فقط، في حين أنه كان من الواجب إقرارها بالنسبة للأحكام التي تصدر العقوبة فيها لمدة تقل عن السنتين، ذلك أننا نتكلم عن قاعدة استثنائية لا معنى لتوسيع الاستفادة منها، كما أنه لا منطق في عدم إدراج مجموعة من الجرائم الموسومة بخطورتها على المجتمع في خانة الجرائم التي لا يُحكَم فيها بالعقوبات البديلة، كجرائم الاتجار في المخدرات وجرائم العنف ضد النساء. تقول النائبة البرلمانية.
وتابعت الكرجي بحضور وزير العدل: «نعلن بشكل صريح ومباشر أمامكم، استغرابنا ورفضنا لأي شخص يتاجر في المخدرات القوية أمام أبواب المدارس أن يستفيد من العقوبات البديلة، ذلك أن أمرا كهذا يضرب في العمق فلسفة هذا النوع من العقوبات، بل إنه يشكل خطرا إضافيا على المجتمع. والمسألة الأخرى التي تثير استغرابنا كذلك، أنه في مغرب المناصفة وحقوق الإنسان، والذي يستعد لولوج عصر النسخة الجديدة من مدونة الأسرة، والتي كلفكم جلالة الملك بالإشراف على صياغة تعديلاتها من أجل إنصاف الأسرة، كيف نستسيغ أنه ما زال ممكنا لشخص متورط في تعنيف زوجته وإدخالها إلى المستشفى نتيجة اعتدائه عليها جسديا دون أدنى احترام لحقوقها ولإنسانيتها، أن يستفيد من العقوبات البديلة.»
وخلصت الكرجي إلى أن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، إذا كان يتفق على أهمية إقرار عقوبات بديلة بدل العقوبات السالبة للحرية، فإنه «يختلف مع الصيغة التي جاء بها بهذا المشروع، حيث اختارت الحكومة أن يكون معزولا عن مراجعة القانون الجنائي في رمته».

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة 

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انتخاب الاخ سعيد بعزيز رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط