اعتبرت شهادات ألقيت خلال أربعينية المقاوم المرحوم محمد أجار سعيد بونعيلات، رئيس المجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أن هذا الرجل جسد بحق روح المقاومة والنضال من أجل مستقبل الوطن.


وأبرزت هذه الشهادات، في حفل التأبين الذي نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أول أمس الخميس بالدار البيضاء، بحضور شخصيات سياسية ووطنية وإعلامية ومقاومين وأفراد من أسرة الراحل، أن بونعيلات بصم عن مسار نضالي تميز خلاله بفضائل وطنية نادرة، حيث كان من الرعيل الأول المؤسس للحركة الوطنية إلى جانب أسماء لايزال التاريخ حافظا لها كالشهيد محمد الزرقطوني ومحمد منصور والحسين برادة وحسن صفي الدين، وغيرهم من المقاومين الذين قدموا تضحيات جسام لتحرير المغرب من الاستعمار.
وأكدوا أن هذا الحفل التأبيني، الذي يكتسي رمزية خاصة لتزامنه وتخليد الشعب المغربي للذكرى 65 لانتفاضة 7 و8 دجنبر 1952 بالدار البيضاء، التي اندلعت تضامنا مع الشعب التونسي الشقيق بعد اغتيال زعيمه النقابي فرحات حشاد، هو اعتراف بما قدمه هذا المقاوم الصلب من أجل النهوض بالأمة المغربية، مشيرين إلى أنه كان مناضلا جسورا ومكافحا مقداما في معركة حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
وبهذه المناسبة، شدد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري على أن الفقيد بونعيلات حينما انتقل من مسقط رأسه بنواحي تفراوت نحو الدار البيضاء، وهو لا يزال يافعا كان يضع اللبنات الأولى لحياة مقاوم، حول مشروعه الخاص لتحسين أوضاع عائلته إلى مشروع أكبر لتحقيق حلم أمة تتطلع إلى حريتها واستقلالها.
وبعد استعراضه لمحطات من مسار الرجل الكفاحي والنضالي قبل وبعد استقلال المغرب، أكد الكثيري أن الراحل عاش رحلة مضنية في دروب الوطنية، وتدرج في مسالك المسؤولية داخل تنظيمات الحركة الوطنية، حتى أصبح المسؤول عن التخطيط وتنفيذ عمليات شكلت علامات فارقة في مسيرة الكفاح الوطني.
وأشار إلى أن مبادئ الرجل وأفكاره ووطنيته الصادقة لابد أنها ستترسخ لدى الأجيال الصاعدة، وهو ما تعمل المندوبية على تحقيقه من خلال نشر ثقافة العرفان والوفاء لأبطال ملحمة التحرير والاستقلال والوحدة، مذكرا في هذا الصدد بإنشاء فضاءات للذاكرة التاريخية تابعة للمندوبية، ومنها الفضاء الذي احتضن حفل التأبين، والذي سيتم تسمية قاعاته بأسماء مقاومين من بينهم سعيد بونعيلات.
ومن جهته، أوضح المقاوم والمناضل عبد الرحمن اليوسفي أن محمد أجار (سعيد بونعيلات) «ظل حاضرا بفعالية مؤثرة وحاسمة في كل مراحل المقاومة، فتجده منفذا ومشاركا في العمليات النوعية الكبرى التي هزت كيان الاستعمار».
وأبرز أنه تميز عن بقية رفاقه بحسه الأمني العالي الذي مكنه من عدم الوقوع في أيدي قوات الاحتلال، فضلا عن جرأته وحرصه الكبير على إنجاز المهام الموكولة إليه كيفما كانت، مضيفا أنه من جيل نادر من الوطنيين، وأنه كان رجلا استثنائيا «يجر وراءه تاريخا ناصعا من الفعل الوطني المقاوم من أجل الحرية والعدالة والتقدم».
فيما اعتبر الدبلوماسي والسفير محمد الخصاصي أن الشمائل التي ميزت شخصية بونعيلات لا تجتمع إلا في الرجال العظام والمناضلين الأحرار، منوها إلى أن هذه الشمائل تجعل منه نموذجا فذا للصمود والتضحية من أجل الوطن.
وتمت بالمناسبة قراءة برقية التعزية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المقاوم الراحل سعيد بونعيلات، ومما جاء فيها «وإننا لنستحضر، بكل تقدير، ما كان يتحلى به الفقيد من خصال الغيرة الوطنية الصادقة، وتعلق قوي بثوابت الأمة ومقدساتها، إذ كان رحمه الله، في طليعة المقاومين الأخيار والمناضلين الأبرار، الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الحرية والاستقلال، والدفاع عن حوزة الوطن، في تشبث مكين بالعرش العلوي المجيد».
والمقاوم الراحل، الذي ازداد سنة 1920 بقرية أمانوز بتافراوت، وانتقلت عائلته إلى مدينة الدار البيضاء، اصطف، رغم صغر سنه، في صفوف حزب الاستقلال وعقب تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، عين مسؤولا عن التنظيم الحزبي بكريان سنطرال حيث تعرف على قادة الحزب بالدار البيضاء منهم محمد الزرقطوني وعبد الرحمان يوسفي وبوشتى الجامعي وبناصر حركات ومحمد منصور.
وقد امتد نشاطه إلى مدن عديدة خارج مدينة الدار البيضاء حيث كانت أسفاره مناسبة لاستقطاب المناضلين الجدد لصفوف الحزب ونشر توجيهات وتعليمات القيادة الحزبية وتوزيع صور السلطان سيدي محمد بن يوسف.
وفي مارس 1973، عين عضوا بالمجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وانتخب ضمن أعضاء مكتبه ولجنته الدائمة. كما تولى الفقيد رئاسة المجلس وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى أن وافاه الأجل المحتوم حيث كان نعم المدافع عن المقاومين وأراملهم وأبنائهم.

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج

 إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب: الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة ولا تميز بين الزيادة العامة في الأجور وإصلاح نظام التقاعد!

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة 

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي