28 ديسمبر 2017

يونس مجاهد

ما يحصل هذه الأيام في جرادة، لا يمكن أن يفاجئ أي أحد، لأن الجميع يعلم أن الخصاص الاقتصادي والاجتماعي في العديد من مناطق المغرب، سيؤدي حتما إلى حدوث احتجاجات، كما حصل سابقاً بسبب البطالة والفقر والتهميش في مغرب يعرف مؤشرات متناقضة في التنمية، حيث إن الثروة الإجمالية للمغرب، تطورت إلى أكثر من الضِعْفِ في العشرين سنة الأخيرة، بينما زادت حدة الفوارق الطبقية والمجالية في بعض الحالات.
هناك هُوّةٌ تزداد اتساعا، بين بعض الفئات والمجالات، رغم مظاهر التطور المشهود في العديد من قطاعات الإنتاج وفي العديد من المناطق، مما يؤشر على أَن الرؤية للتنمية ينبغي أن تتغير، فالنموذج الذي ساد لحد الآن، سيؤدي -لا محالة – في حالة استمراره إلى استفحال هذه الفوارق، التي تؤشر إلى أن بلادنا تعيش حالة انفصام بين مظاهر الغنى والرخاء في بعض الحالات، وبين مظاهر الخصاص والفقر في الحالات الأخرى.
هذا الانفصام هو الذي عَبّرَ عنه الخطاب الملكي، عندما تساءل في سنة 2014 هل استفاد من تطور الثروة كل المغاربة أم بعض الفئات؟ وأعاد فتح هذا النقاش، من بابه الواسع، عندما طرح في افتتاح السنة التشريعية الحالية،إشكالية النموذج التنموي الوطني،الذي أصبح اليوم غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
و يمكن القول إن الصيغة التي كانت تعبر عن هذا الانفصام سابقاً، هي نظرية المغرب النافع والمغرب غير النافع، والتي وجدت حتى في السنوات الأخيرة بعض المنظرين من المسؤولين، الذين يعتبرون أنه ينبغي التركيز على المجالات والقطاعات التي تتوفر على الموارد وإمكانية إنتاج القيمة المُضافة، وتعتبر بالمقابل، أنه لا ينبغي تضييع الطاقة والميزانيات في المناطق والفئات المهمشة التي لا تملك موارد وإمكانات، لأنها مجرد جهد ضائع.
نتيجة هذه النظرية، هي تركيز الثروة والتطور الاقتصادي في مناطق وفئات، وتهميش أخرى، إلى أسفل الدرك، غير أن تهميشها لا يعني انقراضها، بل إنها تظل موجودة وتنتج كل ما يمكن أن يترتب على الفقر والخصاص والتهميش. لذلك، فإن الإسراع في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، مع رصد كل الميزانيات اللازمة، سيكون بمثابة البداية فقط، في معالجة هذا الوضع، والذي لا يمكن أن يعالج بشكل جذري، إلا بتغيير النموذج التنموي، في شموليته، ليخرج المغرب من حالة الانفصام.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة 

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انتخاب الاخ سعيد بعزيز رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط