لايمكن التكهن بما سيحدث في المنطقة العربية، مستقبلاً، في ضوء الانقسامات الحالية، التي لم يسبق لها مثيل، سواء بين الدول، أو داخل العديد من البلدان، حيث وصلت حالة التشرذم إلى مرحلة قصوى، لا يعرف مآلها، على الأمن والاستقرار في هذه المنطقة من العالم.
آخر ما حصل في هذا الشأن هو ما وقع داخل مجلس التعاون الخليجي، حيث قطعت ثلاث دول منه، هي السعودية والإمارات والبحرين، العلاقات الديبلوماسية مع قطر، التي هي أيضا عضو في هذا المجلس، بالإضافة إلى مصر، التي قامت هي بدورها بنفس الخطوة.
ويمكن مسح خريطة ما يسمى بالعالم العربي، لنلاحظ كيف أنه الأكثر انقساما في العالم، فهناك من جهة المنطقة المغاربية، التي تعاني من صراع دائم، بسبب السياسة العدوانية للجزائر ضد المغرب، وهناك الوضع في مصر، التي تواجه حرباً في سيناء، من الشرق، وتهديداً من الغرب، عبر الوضع الكارثي في ليبيا، وهناك لبنان والأردن، اللذان يعيشان على إيقاع ما يحصل في سوريا والعراق، وهناك السودان الذي انقسم نصفين، ويعاني من كل أشكال التحديات، ناهيك عن الوضع في اليمن.
نحن أمام خريطة، منفجرة، على المستوى الداخلي والخارجي، في أغلب المناطق، وتزداد انفجاراً عندما يضاف إليها الصراع مع إيران، بسبب التوترالسني-الشيعي، مما ينذر بمصير مظلم، إذا استمر تطور الأوضاع في هذا الاتجاه، حيث يطغى التقاطب المذهبي والطائفي وأحيانا القبلي أو الأثني، الذي يحظى بالأولوية في التأثير على الاستقطابات التي يمكن أن تحدث على الصعيد الإقليمي، وحتى داخل البلد الواحد.
من المؤكد أن هذه الصيرورة، إذا تواصلت، فإنها ستكرس التشرذم والتطاحنات داخل نفس الوطن، وكذلك التجزئة والتقسيم، كما هو مرسوم في عدد من الخرائط التي تروج، والتي تنسب لجهات إمبريالية وصهيونية، غير أن الأدهى من كل هذا، هي النتيجة الحتمية، لهذا الوضع، الذي يخدم إسرائيل، التي تأسست على ميثولوجيا دينية وإثنية، وستكون هي الرابحة الكبرى، إذا انساق العالم العربي والخليج، في هذا الفضاء الميثولوجي، الذي قد يُترجم في دويلات الطوائف.