6 أكتوبر 2017

يونس مجاهد
أثار موضوع الاستفتاء الذي نُظم في كاتالونيا، إشكالات حقيقية تهم بنية الدولة/الأمة في أوروبا، على الخصوص، حيث اتجهت العديد من التحاليل إلى مراجعة الوضع الشامل في هذه القارة، التي مازالت المسألة القومية، قوية فيها، مثل بركان خامد، قد ينفجر في أي لحظة، عندما تتوفر الشروط الموضوعية والظروف الذاتية لذلك.
تعيش كل البلدان الأوروبية، تقريبا، على إيقاع مطالب انفصالية، منها من نجح في احتوائها بالقوة، ومنع تداول لغات وثقافات الشعوب الأخرى، كفرنسا، ومنها من نجح في ذلك، عن طريق منحها سلطات واسعة، مثل نظام اللاندرز في ألمانيا، ومنها من يحاول تدبير الوضع بشتى السبل والوسائل، كإسبانيا وإيطاليا ودول أخرى.
غير أن التحاليل تؤكد أن هناك توجها يزداد تطورا وحِدّة، مع زحف العولمة، التي أججت الهويات الوطنية والثقافية والإثنية، حيث تٓمّ نحت مصطلح جديد لهذا الوضع تحت تسمية،glocal، أي التوفيق بين العولمة والمحلية،فالنظام العالمي الاقتصادي، لا يعني التخلي عن الهوية المحلية، بل إنه يذكّيها كتعبير عن الخصوصية والتميز.
وتذهب التحاليل إلى أبعد من كل هذا، حيث إن الملاحظة المسجلة بخصوص هذه المطالب، هي أنه كلما ازداد غنى الإقليم الذي تقطنه قومية مختلفة، كما هو الحال في كاتالونيا، كلما تطورت المطالب الانفصالية، التي تعتبر نفسها ضحية «الانتماء الوطني»، الذي يرغمها على اقتسام ثروتها مع الأقاليم الفقيرة.
غير أن المثير في كل هذه التحاليل التي تعترف بوجود قوميات وشعوب أخرى، داخل نفس «الوطن» الأوروبي، هو تعاملها المختلف مع الإشكاليات الأخرى التي تهم قارات غير القارة الأوروبية، حيث تدافع بشكل أتوماتيكي على الاستقلال وتقرير المصير، دون النظر في الاختيارات المتاحة والتي تنهجها في بلدانها مثل الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، وغيرها من التوجهات التي تندرج في الحفاظ على الوحدة داخل نفس البلد.
بل أكثر من ذلك، فإن البلدان الأوروبية تتعامل بشكل مناقض لهذا الواقع، إذ أنها تحاول تكريس وضع خلقه الاستعمار، في البلدان المستعمٓرٓة، لتفرضه كتقسيم بالقوة، رغم أنه لا يستجيب لمنطق القوميات والشعوب، في الوقت الذي تضم هي قوميات وشعوبا، بالقوة، في الأغلبية الساحقة من الحالات.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا