البيان العام

 

إن المؤتمر الوطني السابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنعقد ببوزنيقة أيام 12/11/10 يونيو 2005، إذ يسجل بتقدير الجدية التي تم التحضير بها للمؤتمر من قبل قواعد وأطر الحزب، سواء من خلال أعمال لجنته التحضيرية أو من خلال الحوار الذي قام به المناضلون في أقاليمهم حول التقارير المعدة، وحول تجربة الاتحاد السياسية·
وإذ يسجل بارتياح ما عبر عنه الاتحاديون في هذا المؤتمر من تقدير للمسؤولية وتشبث بوحدة حزبهم وانفتاحه بيتا لجميع المناضلين، قادرا على تعبئة الاجيال الجديدة، وتشكيل قوة سياسية حداثية منتجة للبدائل والمشاريع والحلول·
وإذ يعرب عن قناعة المؤتمرين والمؤتمرات كافة، بجعل هذا المؤتمر منطلقا لخوض الاستحقاقات المقبلة بحماس وفعالية لتحقيق نصر مؤكد يمكن القوات الحية ببلادنا من تشكيل أغلبية قوية قادرة على تدبير الشأن العام، وفق برنامج واضح المعالم والهوية·
فإنه يعلن مايلي:
استعداد حزبنا الدائم للتعبئة من أجل الحفاظ على وحدتنا الترابية وحمايتها، معبرا عن إجلاله وإكباره لشهدائنا الابرار دفاعا عن وحدة بلادنا وتماسكها، ومعربا عن اعتزازه بالدور الذي تقوم به القوات المسلحة الملكية تحت قيادة قائدها الاعلى جلالة الملك في الدفاع عن ثغورنا، وعن اعتزازه كذلك بالروح الوطنية الوحدوية العالية، التي يواجد بها المواطنون المتشبثون بوحدة بلادهم كل أشكال التآمر والانفصال على بلادنا·
وإن المؤتمر الوطني السابع للاتحاد، وهو يعرب عن قناعته الراسخة بأن الحل الامثل لهذا النزاع المفتعل هو الحل السياسي ضمن الوحدة الترابية المغربية، وانسجاما مع مقتضيات الشرعية الدولية، يوجه نداء الى إخواننا في الجزائر من أجل تغليب المصلحة المشتركة، واعتماد الحوار الجدي والمخلص لتجنيب منطقتنا كل أسباب التعثر والاحباط·
إن بناء المغرب العربي هو اليوم ضرورة جهوية وأورومتوسطية مستعجلة، ومن مسؤوليتنا جميعا أن نسارع إلى بنائه لصالح شعوبنا وحفاظا على مصالحنا وحق شعبنا في التقدم والرفاه والعدالة الاجتماعية·
وإذ يدعو المؤتمر المنتظم الدولي لمضاعفة جهوده من أجل تحرير المعتقلين والمحتجزين المغاربة في تندوف، من ربقة الاسر، ومن الشروط اللا إنسانية التي يوجدون عليها، فإنه يدعو الجزائر الشقيقة أن تقوم في هذا الإطار بواجبها دفاعا عن الشرعية وحقوق الجوار والاخوة المغاربية·
إن المؤتمر السابع للاتحاد وهو يستحضر ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تنكيل واعتداء من طرف الغزاة الصهاينة، ليحي باعتزاز وحدة الصف الفلسطيني دفاعا عن حقوقه الوطنية وعلى رأسها إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما يؤكد دعمه الراسخ لنضال الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الاخ محمود عباس، ويحيى الوحدة الوطنية لفصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية·
كما يسجل المؤتمر استمرار احتلال القوات الاجنبية للتراب العراقي وما سببه من دمار للبنيات التحتية وخسارات فادحة في الارواح والممتلكات، ويؤكد المؤتمر تضامنه مع الشعب العراقي الشقيق في نضاله من أجل استعادة حريته واستقلاله ووحدة ترابه الوطني، وتقرير مصيره بنفسه بعيدا عن كل تدخل أجنبي، وإملاء إصلاحات مزعومة تحت قوة السلاح·
إن المؤتمر الوطني السابع للاتحاد الاشتراكي وهو ينعقد بعد مضي سبع سنوات على انطلاق تجربة التناوب التوافقي، يرى من واجبه أن يؤكد بأن هذه التجربة كانت نتيجة طبيعية لنضالنا الطويل من أجل الديمقراطية ولاختيارنا استراتيجية النضال الديمقراطي منذ سنة 1975·
لقد شكلت تلك التجربة في حد ذاتها – بغض النظر عن زاوية الرؤية – الاستثناء المغربي الواعد مقارنة مع أنظمة سياسية أخرى في عدد من بقاع العالم مازال يسودها تسلط الحزب الوحيد أو تفترسها الحروب الاهلية والتطرف والنزوع الفاشي·
إن ذلك الاستثناء المغربي مؤسس على ثقافة التوافق، بعد أربعة عقود من الصراع والمكابدات، خاضها الاتحاديون في ظل ميزان قوى غير متكافىء وأدوا الثمن فادحا من أرواحهم وحريتهم وأرزاقهم من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان·
إن تقييم تجربة حكومة التناوب التوافقي تقتضي أن نسجل أهم إيجابياتها، وفي ذات الوقت وضع اليد على بعض نقط ضعفها واستشراف آفاقها بتصميم وتفاؤل·
وتقتضي النزاهة الفكرية أن نسجل ضمن أهم ايجابياتها:
– إنقاذ البلاد من كارثة كانت محدقة بها سماها المغفور له الملك الحسن الثاني: بالسكة القلبية·
– تمهيد الطريق لمسيرة الانتقال الديمقراطي بإجراء انتخابات تشريعية في شتنبر 2002 لم ينازع في نزاهتها المشاركون فيها، وكل ذلك من أجل الانتقال من التناوب التوافقي الى التناوب الديمقراطي الذي تفرزه صناديق الاقتراع·
-إعادة الاعتبار للعمل السياسي بمفهومه النبيل وتطبيع العلاقة بين المواطنين والشأن العام وإذكاء الاحساس بالانتماء الى الوطن من خلال ممارسة فعلية لحق المواطنة، بإطلاق الحريات الاساسية في التعبير والرأي والتظاهر والاجتماع والتجمع·
– المعالجة الرصينة للقضايا الحقوقية والاجتماعية وفتح أوراش الاصلاح وفك العزلة عن البادية وإيلاء الاهمية لقضايا النساء والشباب ومعضلات الفقر والامية والإقصاء·
لقد دخل حزبنا الى هذه التجربة، مغلبا الانتماء الى الوطن ومصلحته العليا على الانتماء الحزبي والمصلحة الحزبية الظرفية، ولقد كان من الممكن تدبير هذه المرحلة بطريقة أفضل لو أن الجميع انخرط فيها بقوة وبدون تردد ولم يعتبرها مجرد مرحلة عابرة·

 

– على أنه لابد من الاعتراف بأن قصورا ذاتيا شاب هذه التجربة يتجلى في ضعف مساهمة المحيط الحزبي في دعمها وعدم التعبئة للدفاع عنها·
– وبالرغم من كل ذلك، فإن أهم انتكاسة تلقتها التجربة هي الخروج عن المنهجية الديمقراطية الذي كان موضوع بلاغ المكتب السياسي بتاريخ 10 اكتوبر 2002، حيث أكدنا أن التقدم الديمقراطي الذي حققته بلادنا يقتضي مراعاة نتائج الاقتراع الشعبي والمنهجية الديمقراطية المترتبة عنها وأنه لاشيء يبرر الابتعاد عن هذه المنهجية ومع ذلك فإن حزبنا لم يختر أن يرتب عن ذلك قطيعة سياسية، بل ساهم في الحكومة الموالية من أجل إنجاز الاوراش الكبرى التي فتحتها حكومة التناوب التوافقي ولإنجاز الانتقال الديمقراطي·
إن المؤتمر الوطني السابع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو يأخذ ذلك بعين الاعتبار يؤكد:
أنه لم يعد ممكنا استمرار الحياة السياسية في بلادنا على نفس المناهج القديمة، مما يستدعي مراجعة حاسمة ترتكز على شقين:
– الشق الاول: الثوابت السياسية الاساسية لبلادنا
– الشق الثاني: المسألة الدستورية والاصلاحات السياسية والتنظيمية وتجديد جريء للخطاب الحزبي وطرق العمل وبناء التحالفات والتكتلات·
فيما يخص الثوابت الاساسية:
ان الاتحاد منذ تأسيسه اعتبر ويعتبر دائما أن الاسلام ثابت أساسي من ثوابت الامة المغربية، وهو في صلب حضارتها التي يتقاطع فيها البعد الامازيغي بالبعد العربي والافريقي والاندلسي، كما أن الهوية المغربية إضافة الى ذلك يتلاقح فيها التعدد الثقافي واللغوي العربي والامازيغي·
إننا واضحون تماما في ذلك، لكننا في نفس الآن واضحون في شجب ورفض الاستعمال الديماغوجي للإسلام والامازيغية بالمزايدة السياسوية أو التطرف أو الدعوة الى الانغلاق والكراهية·
إن تحزيب الدين يعتبر في نظرنا إساءة له، لأن ذلك سيدخله في حلبة السياسة وهي بطبيعتها غير مقدسة باعتبارها عملا بشريا معرضا للنقد والمساءلة·
وصيانة لقدسية عقيدتنا، فإننا نرفض أن ينزلها البعض منزلة السياسة التي يجب أن تظل ممارسة مدنية·
ومن ثوابت الامة، المؤسسة الملكية في مجالها الدستوري أو حقل إمارة المؤمنين·
إن استمرار هذه المؤسسة، عبر عدة قرون، أثبت نجاعتها وقابليتها للتطور في الوقت الذي أثبت فيه التاريخ إفلاس نظام الخلافة المركزية المشرقية وسقوطها المدوي ،حيث لم تقم لها قائمة بعد ذلك·
إن المؤسسة الملكية المغربية، استمرت في التجدد لاسيما في عهد جلالة الملك محمد السادس، سواء في نشر الخطاب الديمقراطي الحداثي، أو في تفعيل حقل إمارة المؤمنين من خلال الوقفة الشجاعة ضد الارهاب وإعادة هيكلة الحقل الديني، وقبل كل ذلك السهر على إنجاز مدونة الاسرة التي تشكل إنجازا فريدا في العالم العربي والاسلامي·
أما الشق الثاني من المراجعة، فيجب أن يشمل في إطار تعاقد وتوافق التعديل الدستوري، ولاسيما ما يتعلق بمؤسسة الوزير الاول، وتشكيل الحكومة، والتعيين في المناصب السامية المدنية، والغرفة الثانية للبرلمان، ودور الجهة في التنظيم الترابي المغربي، إضافة الى ذلك فلابد من مراجعة النظام الانتخابي والتقطيع الترابي والتقسيم الجماعي·
إن ذلك يدخل في صلب المنهجية الديمقراطية التي لا مناص من العودة إليها في استحقاقات 2007، غير أن كل ذلك لن يعفينا من القول بضرورة أن تشمل المراجعة خطابنا الحزبي وأساليب عملنا بما يضمن مزيدا من الانفتاح على النخب الجديدة من نساء ورجال، وأن نجعل حزبنا بيتا لكل المغاربة المؤمنين بالديمقراطية والحداثة·
لقد ساهمت سنوات الجمر في تمييع الحياة السياسية بالتضييق على الحريات وفبركة الاحزاب وعرقلة عمل الاحزاب الوطنية والديمقراطية، بما انعكس عليها من هشاشة، لكن بالرغم من ذلك، فقد أظهرت الانتخابات التشريعية لسنة 2002 ان الاحزاب الوطنية التي ناضلت من أجل الحرية والديمقراطية لازالت متجدرة في وجدان المغاربة·
إن هذا الحضور استمد وهجه من عملنا المشترك مع حلفائنا داخل الكتلة الديمقراطية باعتبارها كانت المحرك الاساسي لمسلسل الاصلاحات السياسية والدستورية وولوج مرحلة التناوب التوافقي·
لكن المتغيرات الراهنة أصبحت تفرض تجديد ميثاق الكتلة وتوسيعها وتحديث طرائق اشتغالها وأن يلتزم الجميع بالجدية وعدم إعادة انتاج أخطاء الماضي والخلافات الهامشية·
إن علينا أن لانضيع الرصيد الذي راكمناه بعد جهد ونضال طويلين·
إننا نؤكد على بناء جبهة ديمقراطية حداثية لمواجهة تحديات البناء الاقتصادي وحل معضلة البطالة ومواجهة العجز الاجتماعي والانخراط في عالم التواصل والمعرفة، وفي ذات الوقت يجب علينا أن نتحمل مسؤوليتنا في توحيد العائلة الاشتراكية وأن نجعل ذلك من ضمن أولوياتنا، مؤكدين أن تدبير الاختلاف أصبح ممكنا داخل العائلة الواحدة·
يجب أن نعي جيدا أن ذلك ليس نزوعا نظريا ولا ممارسة نظرية لترف فكري، بل إنه رهان تفرضه التحديات التي تواجه بلادنا سواء على المستوى الداخلي أو على صعيد التحديات الخارجية المتجلية في العولمة، وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سبيل الى مواجهة ذلك إلا بإعادة الاعتبار لاختيارنا الاشتراكي الديمقراطي·
ذلك أن مشروعنا الاشتراكي الديمقراطي هو الرد الطبيعي الممكن لأنسنة العولمة·
إن ذلك هو طريقنا الى المستقبل، من أجل مغرب يضمن لجميع أبنائه حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مغرب الدولة العصرية القوية، دولة المؤسسات المبنية على الحق والقانون والشرعية الديمقراطية في إطار حدودها الحقة وسيادتها الكاملة على كافة أجزاء ترابها الوطني، سواء في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية أو في صحرائها المحررة·
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
المؤتمر الوطني السابع
بوزنيقة 12 يونيو 2005

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

شريط وثائقي يضم مسيرة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال ستين سنة

البيان العام للمؤتمر العاشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – 2017

المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببوزنيقة 2017: التقرير الأدبي

مشروع المقرر التوجيهي 1: اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العاشر تنجز 14 وثيقة وتقدم 8 عروض وتنظم يومين دراسيين