عبد الحميد جماهري

أطلقت قيادات الانفصال النار الكثيفة على مجلس الأمن الأممي، ونسبت إليه بالواضح أنه كان وراء استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد كوهلر.
وخرجت أصوات مأذونة في الصحافة الجزائرية، وكذا في مناسبات منظمة فوق تراب الجزائر الملتهب، تتهم الجهاز التنفيذي الأممي بالتخاذل وخدمة المغرب !!!
التفسير الذي توقفت عنده الأسماء الانفصالية المعروفة، سواء في الهرم الوهمي لجمهورية تندوف أو في السلك الديبلوماسي الجزائري، يقضي باعتبار استقالة كوهلر جاءت لأن مجلس الأمن تخاذل!
وهوما يعكس حالة التشرذم الذهني الذي تعيشه الجبهة، ومَن وراءها، في ظرفية دقيقة من حياة النظام في الجزائر.
فهذا وزير ما يسمى بالشؤون الخارجية الصحراوي، محمد سالم السالك، قال في حديث لجريدة «الخبر» الجزائرية اليومية، إنه اعتبر رحيل السيد كوهلر نتيجة «تخاذل مجلس الأمن الذي أصبح جزءا من المشكل».…
واعتقد محمد سالم السالك من جهة أخرى، أن مجلس الأمن كان عليه أن ينصاع للاتحاد الإفريقي، في شخص جنوب إفريقيا.. بطبيعة الحال، ودعا إلى أن يعمل المجلس إلى جانب الاتحاد الإفريقي.
وكشف القيادي الانفصالي بالفعل عن الفرق بين توجهات مجلس الأمن وبين ما أراده كوهلر، من خلال ما أوحى به في تقرير الأمين العام، والداعي إلى تحميل المغرب الكثير من أعطاب العمل الأممي.
وجاء بالواضح، تأسيس الاستقالة على عدم مسايرة مجلس الأمن لما أراده كوهلر، واتخاذه القرار 2468 بعيدا عما أراده المبعوث الأممي.
فقد كان المطلوب من مجلس الأمن أن يبصم على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المقدم في شهر أبريل الماضي إلى مجلس الأمن، وذلك بالتركيز على ادعاءات يريدون أن يتضمنها التقرير أي:
»*انتهاكات خرق المغرب لاتفاقيات وقف إطلاق النار
*بناء جدار دفاعي
*وضع مراكز عسكرية جديدة
* عرقلة مهمة «المينورسو» ومنعها من الاتصال بالمواطنين الصحراويين
* عرقلة زيارات المبعوث الشخصي إلى هذه الأراضي.
«على حد ما ورد في تصريحات للانفصالي عبد القادر طالب عمر في ندوة نظمت فوق التراب الجزائري بمناسبة يوم إفريقيا العالمي!!!
وأثارت مواقف البوليساريو، في معرض محاولة إيجاد تفسيرات لاستقالة تحمل مجلس الأمن تبعاتها «إصراره (أي كوهلر)على إشراك الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي في حل النزاع في الصحراء كما يتضح من خلال زياراته إلى أديس أبابا وكيغالي، وبروكسل في مناسبتين أو ثلاث مناسبات»!
ويتضح من خلال المواقف المعبر عنها من طرف الانفصاليين أن التعليل الذي يراد للاستقالة يتجاوز المعبر عنه إلى تحميل مجلس الأمن ذلك، لأنه لم يوافق على تغيير معايير الحل، ويقدم على اقتسام مسؤولية الملف بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي…
ولابد من أن نذكر هنا، الموقف الصارم الذي عبر عنه المغرب، منذ الحركات الأولى للمبعوث الألماني بإشراك هذين الكيانين في تدويل الملف، واعتبار أن مجلس الأمن هو المعني،حصريا، به…، ويكشف الموقف في الوقت ذاته الفشل المزدوج للعمل الانفصالي، أولا في محاولة جنوب إفريقيا توريط الاتحاد الإفريقي، بشكل يجعله بمثابة المعبر عن الانفصال والمناوئين، وهي التي احتضنت قمة بعض الدول الإفريقية من أجل دعم أدوار الاتحاد الإفريقي في الملف، ومحاولة تقوية أطروحة الانفصال والعداء للمغرب من خلال توريط الاتحاد الإفريقي، وأيضا الموقف إبان المفاوضات حول قرار مجلس الأمن 248، والذي انتهى ببريتوريا إلى الإحجام عن التصويت. وهو الموقف الوحيد الذي اعتبرت الجزائر وجمهورية تندوف أنه جدير بالتثمين، بالرغم من أنه لم يكن في صلب القرار بل من خارجه!
لقد أعلن الأمين العام، الذي تحدث في جزء من تقريره بلسان المبعوث الشخصي، عن «تفهمه» لاستقالة هذا الأخير، وبالتالي توقف عند حد المصادقة عليها بتفهمها، ولم يعطها أي بعد آخر وترك الباب مفتوحا للاستعلام الصحافي والكواليس الخفية.
وقد سبق أن قلنا إن المبعوث الألماني، ما كان له أن يستمر في مهمة وجد أنه على طرف نقيض فيها مع مجلس الأمن الذي لم يساير رغباته، سواء في محتوى القرار أو في طبيعة الدينامية والأطراف التي تتصل بها.
والجزائر في هذا؟
يبدو أن النشاط الوحيد الذي يجيده النظام هو البحث عن ذريعة للشرعية في قضايا الآخرين، بعد أن أصبح غير قادر على إقناع شعبه بالتخطيط للمستقبل القريب المتعلق بتقرير مصيره السياسي، بناء على انتقال ديموقراطي.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..