من الواضح أن مشروع الميزانية لسنة 2018، لن يستجيب للكثير من الطلبات والطموحات، خاصة على المستوى الاجتماعي، نظراً للأوضاع الاقتصادية، الصعبة، التي يعيشها المغرب، لعدة أسباب، من أهمها الأداء السياسي للحكومة السابقة، والفترة الطويلة التي قضاها رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، في محاولة البحث عن أغلبية، مما كان له أثر سيّء على مختلف الأوضاع والقطاعات.
فبالرغم من المجهود الذي بذلته الحكومة في هذه الميزانية، للتجاوب مع الخصاص في المجال الاجتماعي، إلا أن البنية العامة للاقتصاد والاستثمارات وإنتاج الثروة، وغيرها من المحاور التي من شأنها تطوير هذه البنية، ظلت محكومة بما حصل في ظل التجربة الحكومية السابقة، والتي لم تتمكن الحكومة الحالية، لحد الآن، من تجاوزها، ليس لأن هناك إكراهات في الواقع، ولكن أيضا لأن المنهجية «التقليدية» في تصور الميزانيات، لم تتغير كثيراً.
بل أكثر من ذلك، يمكن القول إن الوقت قد حان لتغيير هذه المنهجية، بشكل جذرى، بعد أن تبين أن النموذج التنموي، الذي ساد، قد استنفد كل إمكاناته، وأنه أصبح معرقلاً للتنمية والتطور ومعالجة الاختلالات التي ظهرت على المستوى القطاعي والمجالي والطبقي، وأيضا على مستوى الثروة البشرية، التي بدل أن تكون عاملا إيجابيا في صيرورة التطور، أصبح جزءٌ منها، وخاصة الشبابَ، عاملَ فرملةٍ وأزمة.
لذلك، أصبح من الضروري، وبكل إلحاح، أن تتظافر الجهود، لتصور نموذج تنموي جديد، لا يمكن أن ينجح في ظل التوازنات الطبقية والمجالية والسياسية والاقتصادية، التي سادت في المغرب، إذ لابد من التضحية بالكثير من هذه التوازنات، التي جعلت من بلادنا أحد نماذج الفوارق الصارخة، التي أنتجت تشوهات كبرى، على مختلف المستويات.
بالإضافة إلى الفوارق الصارخة، لا يوجد أي اقتصاد متطور في العالم، إذا كان عدد لا يستهان به من أبناء البلد يعانون من أزمة هيكلية، في التعليم والمعرفة والتمكن من التقنيات وغيرها من العوامل التي تعلي شأن الثروة البشرية، فوق أي ثروة أخرى.