يونس مجاهد
مرّةً أخرى قفزت على السطح ردود الفعل المتشنجة، التي تصل إلى حد تبادل السباب واستعمال أوصاف نابية، بين المختلفين في الرأي، خاصة فيما يتعلق بتطورات وملابسات احتجاجات منطقة الحسيمة، حيث حصل تقاطب كبير بين موقف المساندة المطلقة لهذه الاحتجاجات، بكل ما حملت معها من تصريحات وتصرفات، وموقف الرفض المطلق لها، بكل تفاصيلها وحيثياثها.
غير أن التعبير عن هذا التقاطب، الذي قد يكون أمراً عاديا، (رغم أن هناك من يتخذ موقفاً وسطاً بين طرفي «النزاع»)، يمارس بعنف لفظي لا مثيل له، يظهر ذلك بوضوح في الشبكات الاجتماعية، التي تعُجّ بوافرٍ من كلمات السب والتهجم، بين المختلفين حول ما يحصل في الحسيمة.
هناك من جهة من يتهم الحركة الاحتجاجية، كلها، بتهم قاسية، تصل إلى حد «الخيانة»، وهناك أيضا من يصف المناهضين لها، بالمرتزقة وعملاء «المخزن». وفي كلتا الحالتين، لا توجد لدى الطرفين، أي حجج للتدليل على النعوت والأوصاف التي يتم تبادلها، حيث إن ما يغلب على المواقف، هو التحيّز لمطالب المحتجين، لدى جهة معينة، أو التخوف من تهديد الاستقرار، لدى الجهة الأخرى، رغم وجود أقليات متطرفة في الجهتين، لكنها ليست القاعدة، بل الاستثناء.
من الطبيعي، في أي مجتمع أن تحصل اختلافات سياسية وفكرية، وأن تتباين المواقف تجاه حركات احتجاجية، فهذا عادي، ليس في المغرب وحده، بل في كل البلدان. غير أن الذي ينبغي أن تتم مواجهته هو العنف اللفظي، في التعبير عن التباين والاختلاف، لأن هذا لا يخدم ثقافة الحوار الديمقراطي، الذي ينبغي أن نتعلمه جميعاً، بدل إعادة إنتاج الثقافة السائدة، المعتمدة على ما نطلق عليه بالدارجة «المْعيار».
من المؤكد أن ثقافة العنف اللفظي، والتطرف في المواقف، تحجب الرؤية الصحيحة للأشياء، لأنها في الكثير من الأحيان، ليست سوداء حالكة ولا بيضاء ناصعة، بل ملونة بشتى الألوان. فثقافة الأبيض والأسود، لا تفيد في تحليل ظواهر معقدة، من قبيل الاحتجاجات الاجتماعية والحركات التي ترافقها.
هناك معايير موضوعية، قد تفيد في اتخاذ مواقف أقرب إلى الصواب، فهناك من جهة، حقوق لا يمكن التراجع عنها، من قبيل الحق في التعبير والاحتجاج، وهناك من جهة، واجبات الحرص على الأمن والسلامة والاستقرار، ولتصريف جدلية الحقوق والواجبات، هناك مسؤوليات مشتركة، ينظمها القانون.
غير أن هناك ما هو أهم، وهو التربية على مواصلة الجدل والنقاش، في أجواء صحية، دون تجريح أي طرف، بهدف التقدم في إدراك حقيقة المعضلات، ومعالجتها، لمصلحة المجتمع الذي هو في حاجة إلى تطور أوضاعه نحو الأحسن، وليس تكريس الاحتقان والتوتر.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج

 إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب: الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة ولا تميز بين الزيادة العامة في الأجور وإصلاح نظام التقاعد!

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة