تتزايد مظاهر الخوف بين المواطنين، من اتساع وتطور الجريمة في المغرب، ليس لأن عددها تضاعف، فهذا معطى ينبغي أن يستند على إحصائيات، ولكن لأن أشكال الإجرام قد تطورت على المستوى النوعي، حيث أخذت تتشكل عصابات تُمارس العنف والسرقة، علنياً، كذلك الاغتصاب والاختطاف، مما يخلق حالة من الهلع والرعب بين الناس.
مثل هذا العنف والانحراف العلني، جديد على المغرب، حيث إن الجرائم في السابق كانت ترتكب في الخفاء، بينما نجد اليوم عصابات، خاصة من الشباب، تحمل السيوف، وترتكب العنف والإجرام، أمام الناس، دون أن تخفي هويتها.
خطورة هذه الظواهر الجديدة، هي ما تتضمنه من وإصرار على ارتكاب الجرائم، بنوع من التحدي الواضح، للجميع، للسلطة والمجتمع، وهو ما يعني أن هناك تحولاً جذرياً في مفهوم الجريمة والانحراف لدى هذه الفئات، مما يعقد كثيراً الوضع، سواء على مستوى إمكانية إصلاح المنحرفين، بنفس المناهج المستخدمة حالياً، أو على مستوى العدوى التي تسري بين المراهقين والشباب.
ربما هناك في عدد من الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة، ثقافة جديدة للانحراف، تستحق الدراسة والتحليل، من أجل مكافحتها، وتتجلى في مظاهر المنحرفين في اللباس وحلق الرؤوس والوشم، وطرق التعبير، والسلاح المفضل، الذي هو حالياً السيوف، وغيرها من المظاهر، التي تؤكد أن الأمر لا يتعلق بالأشكال الكلاسيكية المعروفة في المغرب للجريمة، بل باتساع نموذج من الانحراف يرغب في الظهور، بل وأحياناً بالتباهي، وكأنه يصرف قيمة من القيم.
وإذا كانت بؤر الجريمة معروفة، وتتركز أساساً في الهوامش الكبرى، وزبناؤها يتشكلون، خاصة، من المراهقين والشباب، ضحايا الهدر المدرسي والفقر والبطالة والتفكك الأُسَري… فإن ما يمكن القيام به، إلى جانب المجهود الأمني، هو محاولة فهم الظواهر الجديدة للإجرام، وكيفية انتشارها بين الفئات العمرية الشابة، والدوافع الاجتماعية والنفسية والثقافية، التي تجعلهم يلجأون إلى هذه السلوكات المنحرفة، لأن هذا يساعد كثيراً على فهم ما يحصل ويوفر لمختلف المتدخلين في محاربة الجريمة والانحراف، عناصر للوقاية والمكافحة والإدماج الاجتماعي.