23 أبريل 2018

يونس مجاهد

نجح  الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في رهان كبير، يتعلق بتقديم أفكار أولية عن البدائل الجدية والواقعية، للنموذج التنموي الحالي، في المغرب، حيث تمكّنَ من تشخيص الأوضاع على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو أمر ضروري من الناحية المنهجية، حيث لا يمكن اقتراح الجديد، دون فهم القديم.
ويمكن القول، إن عملية التشخيص ليست جديدة، خاصة في شقها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إذ أن هناك تراكمات إيجابية في التقارير والدراسات التي أنجزت من طرف هيئات سياسية ونقابية وحقوقية، وكذا من طرف مؤسسات ومراكز وطنية ودولية، غير أن هذا لا يكفي، رغم أنه يشكل بداية الطريق رغم اختلاف المقاربات، لأن التشخيص بدوره، يتأثر بالرؤية والتصور السياسي والفكري، في تحليل الأسباب العميقة للخصاص.
ما يصنع الفارق هو الخلفية السياسية والإيديولوجية، التي تتحكم في عرض المحاور التي ينبغي أن تسير نحوها البدائل الممكنة، وهي لا تنفصل عن تصور المشروع المجتمعي، الذي من المفترض أن تتضمنه مواقف الأحزاب، على الخصوص، لأنها دون توفرها على مشروع ، فإنها لن تختلف آنذاك عن أي مؤسسة علمية أو مركز بحوث ودراسات.
ما يميز الحزب، هو مشروعه المجتمعي، خاصة الأحزاب الاشتراكية، التي تنطلق من مرجعية فكرية تتسم بالدفاع عن الحرية والعدالة والمساواة بين الناس والكرامة، وتترجم هذه المبادئ في خطها السياسي والفكري، سواء في علاقة الدولة بالمجتمع، أو في منظورها لتوزيع الثروة أو في الدفاع الفعلي عن كرامة المواطنات والمواطنين وأولوية الحماية الاجتماعية وإنصاف الفئات والمناطق الهشة،وغيرها من الأدرع الواقعية لتطبيق هذه المبادئ في تصورات ومقترحات وبدائل.
ولا يمكن فصل كل هذا عن التطبيقات السياسية الضرورية، عن طبيعة المؤسسات التمثيلية وتوزيع السلط وتوازنها، والمنظومة الانتخابية وكل ما يتعلق بالحقوق والواجبات وآليات الشفافية وغيرها، من مقومات الحكامة وتكريس دولة الحق والقانون.
غير أن هذا المشروع المجتمعي، لا يكتمل دون معالجة الأنساق الثقافية والفكرية، التي تتصارع في المجتمع المغربي، خاصة بين دعاة التحديث من جهة، ودعاة الرجعية، من جهة أخرى، أي بين أولئك الذين يدافعون عن سيادة العقلانية والمنهج النقدي والتحرر من كل الأغلال التي تشل الفكر الحر، في التربية والعلوم والثقافة والفن، وبين أولئك الذين يسعون إلى الدفاع عن هذه الأغلال، بترويج مفاهيم وتفسيرات متخلفة للفكر الديني، دفاعاً عن مشروع مجتمعي يميني، يكرس الفوارق الطبقية والتمييز ضد النساء والتحجر.
المشروع المجتمعي الحداثي، الذي يدافع عنه الاتحاد الاشتراكي، كما كان واضحا في اليوم الدراسي حول النموذج التنموي الجديد، لا علاقة له بالحداثة المزيفة، المتميزة بالإسفاف والسطحية والمنطق التجاري، بل هي حداثة متأصلة على كل مختلف المستويات، العميقة، من أجل مجتمع عادل ومتضامن.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..