عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
اتخذت عدة عواصم عربية قرارات منذ بداية الأسبوع، تقضي بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع دولة قطر . من بين هذه الدول ثلاث يربطها بهذه الإمارة تكتل إقليمي يحمل اسم مجلس التعاون الخليجي . وقدمت جميعها مبررات تتلخص في دعم الدوحة لبعض التنظيمات الارهابية ولمخططات إثارة اللااستقرار، من خلال التدخل في الشؤون الداخلية، والانحياز إلى إيران التي لها علاقات توتّر دائم خاصة مع الرياض والمنامة إلى غير ذلك من التهم التي حفلت بها بيانات حكومات هذه الدول وتصريحات دبلوماسييها وإعلامها …
التطورات هاته المستمرة في الزمان، سمحت لكل طرف بأن يكشف عن بعض المعطيات، التي تفيد –بالفعل- أن هناك «حسابات جارية» لأكثر من عاصمة في تمويل الإرهاب، ودعم تنظيماته، وتزويده بالأسلحة، وإيواء قيادات له سرا وعلانية . وإن ما تعرفه العراق وسوريا واليمن وليبيا اليوم، من تفكك دولها، وتدمير بنياتها، وإراقة دماء شعوبها، تساهم فيه هذه الحسابات الجارية، وتغذيه التوجهات الظاهرة والخفية، التي تتبنى هذا الفصيل أو ذاك، الذي يغرف من عائدات المحروقات التي حبا بها الله المنطقة الخليجية .
لقد تم التنبيه إلى خطورة تبني ونشر الفكر المتطرف من طرف أكثر من عاصمة من عواصم دول الخليج، وكيف وفرت له إلى جانب الدعم اللوجيستيكي المادي، شبكة إعلامية تسعى إلى إعادة المجتمعات إلى ظلام قرون غابرة من خلال فتاوى ومؤلفات وخطب .وبعض قنوات هذه الشبكة، لم يعد لها من هم سوى فتح برامجها وبانحياز سافر لكل من يساند مخططات اللااستقرار ويدفع بلدانا إلى التفتت والتمزق.
لقد زج الإرهاب، الذي انتشر حاملا معه هذا الفكر، ورافعا صوته في هذه الشبكة الإعلامية، ومطمئنا لهذه الأموال، التي تأتي من مصادر عامة وخاصة بالمنطقة العربية، في وضع هشاشة لم يعرفها العالم العربي منذ إحراز دوله على استقلالاتها ،خاصة وأنها اختارت طريقا غير طريق الديمقراطية، ونهجت سبيلا لا يعترف بالتوزيع العادل للثروات بين شعوبها . فبدل أن توجه الجهود لبناء المؤسسات الديمقراطية، وأن تكون التنمية الهاجس الرئيسي للرفع من مستوى العيش لهذه الشعوب، يتم تبذير إمكانيات مادية باهظة في حروب بالنيابة، وفي اقتناء أسلحة، وطلب الحماية من قوى عظمى، وخاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، التي لها أكثر من قاعدة عسكرية بمنطقة الخليج.
المثير في القرارات المتخذة منذ بداية الأسبوع أنها استهدفت أرزاق ومصالح بشر في هذه الدولة أو تلك ،وأرغمتهم على الرحيل في ظرف أسبوعين على الأكثر وهي إجراءات تتنافى و أبسط مبادئ حقوق الإنسان . ها هم الآلآف من الأفراد، عليهم ترك وظائفهم ومنازلهم ومصادر عيشهم، لأنهم ضحايا صراعات أنظمة . وهاهي تلك الترسانة من القوانين التي أنتجها مجلس التعاون الخليجي، تتهاوى وكأنها بنيت على كتبان رملية كتلك التي تعج بها تخوم قطر والربع الخالي السعودي…
إن هذه الحرب الدبلوماسية والتجارية، ماهي إلا تعبير عن أجندة جديدة، تهدف إلى إعادة صياغة منطقة ترى واشنطن أن لها بها مصلحة استراتيجية يجب الحفاظ عليها، ألا وهي البترول، الذي يعد الشريان الرئيسي لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.وفي الزيارة الأخيرة للرئيس دونالد ترامب ونتائجها وصفقاتها، الخبر اليقين.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا