عبد الحميد جماهري

الأمين العام لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي يتحدث باسم الانفصاليين..

ليست لنا أوهام في الوقت الحالي بخصوص المغرب الكبير، ولا اتحاده المعلن منذ سبعة عشرة سنة، لكن لا يمكن أبدا لأي مغربي أن يستسيغ اتخاذ نفس الاتحاد منصة من طرف الأمين العام لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي، السيد سعيد مقدم، للترويج لأطروحات منافية لروح الاتحاد ومنحازة لدولة واحدة من دوله في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
هذه الأطروحة التي يعرف المؤمنون بالاتحاد أنها ما كانت لتتعايش مع فكرة المغرب الكبير، ترمي بظلال من الغضب والسخط على كل ما يتعلق بالاتحاد، عندما تتلاعب به يد الظنون والشكوك.
وقد بنى الأمين العام المغاربي المشترك، نظريا، تدخله الأخير، في تعليق على أشغال المجلس الإفريقي للسلم والأمن، والصفعة التي تلقاها الانفصاليون، على خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل الحديث عن ثوابت بلادهما في «تمكين الشعوب المضطهدة من تقرير مصيرها».
ونفس الأمين العام، عرج على أطراف النزاع، بادعاءات تتناقض مع ما تقرر في مجلس الأمن الأممي في قراراته الأخيرة طوال السنوات الثلاث الأخيرة ودعا، بدون أن يرف له جفن، إلى اضطلاع «مجلس الأمن الدولي في دورته القادمة، بمسؤولياته كاملة في الدفع بالقضية، بما يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير».
وهو أول من يدرك -يا ليته !-أن دول بلدان المغرب الكبير خمس دول، وليست ستة، وأن الشعوب التي جعلته أمين مجلس الشورى فيها، حتى ولو كان مشلولا، هي خمسة شعوب، وليست ستة.. وهو يدرك بأن ما قام به يتجاوز أية حدود في منظمة مشتركة بين دول المنطقة وشعوبها…
لن نذكر أنه دخل في تسويغات جديدة، من موقعه، لقرارات مجلس الأمن، وأراد أن يسير عكس القرارات 2414 (2018) و 2440 (2018) و2468 (2019) و2494 (2019)، والقرار 2548 (2020)، فرأى أن الجزائر وموريتانيا غير معنيتين بالصراع، رغم الطابع الإقليمي للنزاع وترسيمه بقرارات مجلس الأمن.
وهو من ذكر، بعد ليِّ عنيف لمنطق القرار، أن الجزائر وموريتانيا ليستا طرفا في النزاع في الصحراء الغربية بل ملاحظتان»….
السيد الأمين العام اصطف مع بلاده، ضد منطق الاتحاد الجماعي في إعطاء دور للاتحاد الإفريقي في النزاع يفوق ما هو متفق عليه إفريقيا…
لقد نشرت الوكالة الرسمية للجزائر المواقف المعلنة، بدون أدنى مداراة، مما يعطي للتصريحات جانبا استفزازيا واضحا، ويكفي العودة إلى قصاصتها كاملة تحت مسمى » APSA [0052] 12/03/2021 13h34: الصحراء الغربية/المغرب/احتلال/اتحاد المغرب العربي.
النزاع في الصحراء الغربية “طال أمده ولابد من حل وفقا لمرجعيات الشرعية الدولية” /سعيد مقدم/»..
نحن نعرف أن المغرب الكبير ما زال حلما يراوح نفسه ما بين المناحة والنشيد، ما بين التفاؤل والغزل، ما زال فكرة يانعة في الماضي وفي المستقبل ويابسة ومبكية في الحاضر…
لكن الأمانة العامة لمجلس الشورى تتكون من كافة ممثلي البلدان، وتنص القوانين على أن مقر المجلس هو الجزائر، وأنه يمثل الجانب التشريعي للاتحاد، أي برلمان المغرب الكبير، وكل موقف قد يفسر بموقف يمثل البرلمانات العربية، بالرغم من الأوضاع الحالية للدول الأعضاء.
مستشارو المغرب الكبير يقع اختيارهم من «الهيئات النيابية للدول الأعضاء أو وفقا للنظم الداخلية لكل دولة». وقد أقر مجلس الرئاسة الرفع من عدد أعضاء المجلس إلى ثلاثين عضوا، وذلك خلال دورته العادية السادسة،
والنقطة المتعلقة بمهامه تعطيه الحق في أن «يبدي رأيه في ما يحيله عليه مجلس الرئاسة من مشاريع وقرارات، كما له أن يرفع لمجلس الرئاسة ما يراه من توصيات لتعزيز عمل الاتحاد وتحقيق أهدافه»، وهنا مكمن الخطر.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن الاتحاد المغاربي لا يزال رسميا يقوم بمهامه، بالرغم من شلله، فإن الأمر لا يمكن السكوت عنه بتاتا!
ما العمل؟
نحن لا نقول بأن المغرب يجب عليه أن يعلن وفاة الاتحاد، وغض الطرف والعمل في مواقع إقليمية وقارية مغايرة وذات حضور أكبر…
أبدا، حتى وهو ميت، ستقوم قيامة الآلات الدعائية والبروباغاندا في زمن مغاربي رهيب ومتقلب، واتهامنا بأننا «قتلنا الجثة»، وإلى أن يظهر الحق، سيكون الباطل قد فعل فعله.
ثانيا، في الأجواء التي تعرفها الفكرة نفسها، قد تبدو الذريعة قائمة، لدى إسلاميي تونس والجزائر ونظاميهما في تبرير إلغاء المغرب، الذي يقتل الجثة المغاربية!
ويتضح ذلك من خلال تصريح السيد مقدم، الأمين العام، بأنه بدأ من الآن يبرئ بلاده وليبيا كذلك عندما قال» “الجزائر وليبيا عملتا أثناء توليهما رئاسة اتحاد المغرب العربي على التئام القمة المغاربية»…!
إذا كان الأمر بهذا الشكل، فما العمل مرة أخرى:
هل سيسكت المغرب ويغض الطرف؟
أبدا، لا بد من وضع النقط على الحروف بخصوص المهام والمقر..
مهام الأمين العام لا بد من أن تخضع للمساءلة، لا سيما وأن المغرب وموريتانيا، البلدان الوحيدان اللذان يعرفان وضعا مؤسساتيا مستقرا، يمكن تفعيل التعاون بينهما، في هذا الاتجاه، ثم والبرلمان الليبي يقوم بمهامه ويستأنف السيادة الشعبية في ليبيا ويخلق المعجزة بمساعدة المغرب، لا بد له من أن يعبر عن رفضه الزج به في صراعات الجزائر الدونكيشوطية في الوقت الذي يبحث فيه عن سلام داخلي وعن تمثيلية سيادية قوية لا تتلاعب بها العواصم المحيطة!
الأمر الآخر هو دور البرلمان المغربي، في الأروقة المتعلقة بالمجلس وبالأمانة العامة، وبرئاسة الاتحاد الذي ما زال ينشط دوليا على الأقل:آخر تصريح كان أول أمس بخصوص حصول الحكومة الليبية على الثقة البرلمانية، وما دام الأمر يتعلق بمجلس الأمن والسلم الإفريقي فقد شارك الأمين العام للاتحاد المغاربي،السيد الطيب البكوش، في الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية لبرنامج دعم الاتحاد الأوروبي الرابع لمنظومة السلم والأمن الإفريقية بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية، في يناير الماضي.
ويمكن أن نخمن “اللخبطة” والتشكيك الذي قد يخلقه أمين مجلس الشورى في الأذهان، وهو يتحدث من نفس الموضوع والمنطقة الإفريقية حول السلم والأمن ويحشر القضية الوطنية الأولى…
يبدو المغرب الكبير موضع رهانات عديدة، لا تخفى على أحد، ومن هنا فإن مؤسساته، مهما بلغت درجة شللها، لا يمكن أن تكون منصة لإطلاق الرصاص على بلادنا…
البرلمان مطلوب منه أن يخرج قليلا من «أجواء الكيف» ، والحكومة أيضا مطلوب منها أن تدخل «القاسم المشترك غير الانتخابي بين المغاربة كلهم، وتضع النقط على الحروف بما يلزم من ديبلوماسية وسيادة شعبية»!

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..