رسم خطاب جلالة الملك في افتتاح مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22) بمراكش أول أمس لوحة متعددة الجوانب، لامست حقيقة الراهن، وتحديات المستقبل، ومسؤوليات الدول والمنظمات .
واعتبر جلالته أن المؤتمر، يشكل منعطفا حاسما في مسار تنفيذ اتفاق باريس التاريخي، مؤتمرا، تعلق عليه البشرية جمعاء آمالا عريضة، تتجاوز بكثير مجرد الإعلان عن التزامات ومبادئ ،للحد من الاحتباس الحراري، والتخفيف من آثاره.
وشدد جلالة الملك في خطابه على أن الهدف الرئيسي، هو اتخاذ قرارات، تساهم في إنقاذ مستقبل الحياة على الأرض، والإقدام على مبادرات ملموسة، وتدابيرَ عملية، تصون حقوق الأجيال القادمة.
لقد وضع الخطاب الأصبع على خلل بعض المقاربات، التي تم اعتمادها في المؤتمرات السابقة، ومنها أنه كان ينظر للدول جميعها بمنظار واحد.»إن الاختلاف كبير بين الدول والمناطق، في ما يخص الثقافة المرتبطة بالبيئة، والأسبقيات عند الدول المصنعة، التي يقال عنها متقدمة، ليست هي نفسها بالنسبة للدول النامية. كما أن الفرق في الوسائل كبير بينها». وبالتالي « لا يجب إجبار الدول، منذ البداية، على القبول بقرارات لن تستطيع الالتزام بها. وهذا لا يعني أنها ترفضها، وإنما لأنها لا تتوفر على الوسائل اللازمة لتنفيذها».
إن تباين المجالات، وتفاوت الأنشطة الصناعية، ومصادر الأضرار، التي تؤثر في المناخ، لها مجال مشترك، يجب إيلاء الاهتمام به، وترسيخ الوعي بشأنه، حدده جلالة الملك في «توحيد التربية على قضايا البيئة والتوعية بدورها المصيري، في ضمان مستقبل البشرية». وهذه ليست فقط مسؤولية الحكومات، ولكن أيضا مسؤولية المؤسسات الصناعية و منظمات المجتمع المدني .
ومن غير شك، فإن من الملاحظات التي يمكن استنتاجها من المؤتمرات السابقة، التلكؤ في مواجهة الأخطار المحدقة بالبشرية وكوكبها . وهذه الانتظارية لها تكلفتها الباهظة. وهذا التقصير في مواجهة تغير المناخ وآثاره، ستكون له انعكاسات خطيرة، تهدد الأمن والاستقرار، وتزيد من اتساع بؤر التوتر، للعمل على ترجمة تشبثنا بقيم العدل والتضامن، من خلال:
– أولا: تمكين بلدان الجنوب، وخاصة الدول الأقل نموا، والدول الجزرية، من دعم مالي وتقني عاجل، يقوي قدراتها، ويمكنها من التكيف مع التغيرات المناخية.
– ثانيا: وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها، وتعبئة المئة مليار دولار، على الأقل، بحلول سنة 2020، والتي كانت مفتاح اتفاق باريس.
– ثالثا: انخراط كافة الأطراف في تسهيل نقل التكنولوجيا، والعمل على تطوير البحث والابتكار في مجال المناخ.
– رابعا: إسهام الفاعلين غير الحكوميين، من مقاولات وجماعات ترابية، ومنظمات المجتمع المدني، في إعطاء دفعة قوية لمبادرات: الفعل الشامل من أجل المناخ.
لقد شكل الخطاب الملكي الإطار الرئيسي لمفاوضات ومناقشات مؤتمر مراكش ،إطارا يبرز أولويات القرارات التي يجب اتخاذها، والأهداف التي ينبغي رسمها، والتحديات التي يقتضي مجابهتها . وكل ذلك، من أجل الأجيال القادمة، كي لا تعبث الأجيال الحالية بحقها في العيش في مناخ أقل تلوثا وكوكب يتمتع بالشروط الضرورية للحياة .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول في المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش آسفي .. حصيلة الحكومة: تحقيق أرقام قياسية خطيرة في البطالة والهشاشة 

الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر يترأس المجلس الجهوي الموسع بجهة مراكش -أسفي

انتخاب الاخ سعيد بعزيز رئيسا للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان

انعقاد المؤتمر الثامن لإقليم الرباط