شقران: مسار مناقشة المشروع تمرين ديمقراطي توافقي بعيدا عن منطق المزايدات

بنسهلي: من الخطأ اختزال مشروع القانون في مادة أو مادتين فهو قانون شامل

صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية مساء أول أمس الاثنين، بالأغلبية، على مشروع القانون الإطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. وحظي هذا المشروع بموافقة 241 نائبا، ومعارضة 4 آخرين، فيما امتنع 21 نائبا عن التصويت.
وأوضح شقران أمام، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في مداخلته لمناقشة مشروع القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، أن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية متميزة تهم في العمق خارطة الطريق لمستقبل البلاد عبر منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وأيضا خارطة المدرسة العمومية الوطنية الجديدة المنفتحة على العالم والمفتوحة في وجه أبناء هذا الوطن بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
وأبرز رئيس الفريق الاشتراكي في مداخلته، بعض الجوانب المحيطة بالنص التشريعي بداية من المسار الذي قطعه، الذي يعتبر تمرينا ديمقراطيا بحق، بحثنا حوله عن التوافق بعيدا عن منطق المزايدات السياسية والإيديولوجية، يضيف المتحدث.
وقال شقران، «كنا نتمنى ألا تطفو على السطح تلك العقليات الصدئة التي تتوهم امتلاك الحقيقة بأنه ثمة مؤامرات تحاك في الخفاء، والحال أن ما خفي كان أعظم وراء خرجات البعض، كفيلة بكشف التآمر على الوطن والمواطنين منذ عقد من الزمن».
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي أنه منذ المصادقة على مشروع القانون الإطار في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب تعالت الأصوات بشكل ممنهج ومدروس ضده، واختزل النقاش في نقطتين هما الفرنسة والمجانية اللتان حُسمتا وتم التوافق حولهما، مشيرا إلى أن تلك الأصوات قامت بنهج أسلوب التخوين ونهج التبعية للاستعمار ، وغير ذلك من السلوكات الظلامية المغالية في نشر التطرف والكراهية وتحريف الحقائق وتضليل المواطنات والمواطنين، مذكرا بمقولة الشهيد عمر بنجلون «التضليل هو أخطر أنواع الإرهاب».
وتساءل شقران عن مصدر إزعاج هؤلاء، هل هو البحث عن التوافق الذي صوت من خلاله الجميع على النص التشريعي؟ موضحا أن الأمر يتعلق بمعركة ثقافية لها جذور تاريخية لبناء مواطن قادر على التفكير والنقد في بلاد المؤسسات عكس ما يروج له البعض، وفي هذا الصدد أكد شقران «إننا في دولة المؤسسات، هذه البلاد لها مؤسسات، تحميها وتحصنها من جميع الجوانب، هناك مؤسسة أمير المؤمنين».
وفي ذات السياق جدد رئيس الفريق الاشتراكي التساؤل: «أي مواطن نريد لبلادنا؟ هل نريد المواطن، ذلك القالب الفارغ الذي نشحنه بما نشاء في اللحظة التي نشاء خدمة للمشروع الذي يخدم مصالحنا، أم نريد ذلك المواطن الذي يفكر ويحلل ويناقش ويشك وينتقد ويختلف ويحب ويسلك الطريق الذي يرضي ضميره وفق تربية وطنية مواطنة تضع الصالح العام فوق كل اعتبار؟»، مضيفا «الحال أن هناك من يريد أن يفكر ويقرر بدل المواطن».
ومن جهة أخرى، قالت النائبة البرلمانية السعدية بنسهلي في كلمة باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، «إن هذه المحطة اليوم هي محطة تاريخية ومفصلية في تاريخ المغرب بإصلاحاتها وبتراكماتها وإنجازاتها، فعندما كان مطلب الإصلاح لرجال التعليم هو جزء من دمقرطة الدولة والمجتمع طالبنا دائما بخروج هذا القانون من النزوات السياسية والتقلبات الظرفية ومن الحسابات الضيقة».
وأوضحت النائبة البرلمانية، أن هناك عدة اعتبارات في الإصلاح منها ما هو مرتبط بالزمن والسياق والمراحل التي قطعها قانون التربية والتكوين، مبرزة أنه من الصعب اختزال مقتضياته في مادة أو مادتين، فهو قانون شامل عكس الإصلاحات التي رهنت مستقبل التعليم ومنها قرار التعريب الذي كانت له انعكاسات سلبية.
وأكدت أن هذا القانون يتطلب من كل المتدخلين والفرقاء التسلح بالجرأة والنضج الفكري واستحضار مصلحة المغاربة القوية بعد العديد من الإخفاقات للمدرسة العمومية التي تتطلب منا إعادة الارتقاء والاعتبار والتوهج لها، كي يصبح فضاء جاذبا لكل أبناء هذا الوطن، تقول المتحدثة.
على هذا الأساس، تضيف بنسهلي، ترافعنا بقوة على أهم القضايا التي شكلت بالنسبة إلينا دعامة لإعادة بناء مشروع القانون الإطار، مستحضرين الإرادة القوية لجلالة الملك محمد السادس في تحويل الرؤية الاستراتيجية 2030-2015 إلى مشروع قانون إطار رقم 51.17، والإرادة الجماعية السياسية التي تلخص انتظارات الفاعلين التربويين والاجتماعيين والمجتمع برمته لتحقيق الإصلاح المنشود. في نفس التوجه أكدنا أن الدستور إذا كان مرجعية أساسية لهذا المشروع، إلى جانب الخطب الملكية والميثاق الوطني والتقارير الوطنية وغيرها، فإنه شكل منعطفا هاما في التحول الديمقراطي والحقوقي ببلادنا حين حسم في العديد من القضايا ذات الصلة بالهوية الوطنية واللغات والحقوق والواجبات والانفتاح على الكوني.
وجددت بنسهلي التأكيد على أن الضرورة اليوم تقتضي عدم الخوض في السجالات العقيمة ذات النزوعات الذاتية الضيقة التي تخدم أهدافا إيديولوجية مضمرة أو معلنة. في هذا الباب جاء المشروع بالعديد من المكتسبات هم كل مكونات المنظومة ومن بينها دمج التعليم الأولي في التعليم المدرسي وغيرها لا يسع الوقت لذكرها.
وأبرزت أن الفريق الاشتراكي إدراكا منه لأهمية هذه المحطة التي تؤرخ لأول مشروع قانون إطار 51.17 يحمل طابع الشمولية والإلزام لإصلاح المنظومة التربوية، تعاطى كفريق اشتراكي بإيجابية مع منطوقه، إيمانا منا بأننا نؤسس للحظة تاريخية بامتياز خاض في سبيلها الفئات الشعبية ونساء ورجال التعليم معارك عديدة في كل الواجهات السياسية والنقابية من أجل إصلاح حقيقي يشكل قاطرة للتغيير المجتمعي ولتكريس مجتمع المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وكانت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، قد صادقت في اجتماع لها الثلاثاء 16 يوليوز الجاري، بالأغلبية، على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، وصوت لصالح مشروع القانون المذكور 25 نائبا وامتنع 3 عن التصويت في حين اعترض نائبان.
ويهدف مشروع هذا القانون الإطار إلى إصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، على أساس تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والجودة والارتقاء بالفرد وتقدم المجتمع، وإلى ضمان استدامته، وكذا إلى وضع قواعد لإطار تعاقدي وطني ملزم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين في هذا المجال. ويستند مشروع القانون إلى مجموعة من الرافعات أهمها، تعميم تعليم دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال دون تمييز، وجعل التعليم الأولي إلزاميا بالنسبة للدولة والأسر، وتخويل تمييز إيجابي لفائدة الأطفال في المناطق القروية وشبه الحضرية، فضلا عن المناطق التي تشكو من العجز أو الخصاص، وتأمين الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة، ومكافحة الهدر المدرسي والقضاء على الأمية.
كما ينص على ضمان تعليم ذي جودة للجميع، وما يتطلبه من تجديد مناهج التدريس والتكوين والتدبير وإعادة التنظيم وهيكلة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وإقامة الجسور وإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي، وتحديد أهداف الإصلاح وعلى رأسها ترسيخ ثوابت الأمة المنصوص عليها في الدستور، واعتبارها مرجعا أساسيا في النموذج البيداغوجي المعتمد في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي من أجل جعل المتعلم متشبثا بروح الانتماء للوطن متشبعا بقيم المواطنة ومتحليا بروح المبادرة.
ويؤكد أيضا أن إصلاح التعليم أولوية وطنية ملحة ومسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وغيرهم من الفاعلين في مجالات الثقافة والإعلام والاتصال، وأن الدولة تضمن مجانية التعليم الإلزامي، الذي يشمل التعليم الأولي للأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و6 سنوات، والتعليم الابتدائي والتعليم الاعدادي، ولا يُحرم أحد من متابعة الدراسة بعد التعليم الإلزامي لأسباب مادية محضة.
وصوت النواب في الجلسة ذاتها، يضيف البلاغ، بالإجماع، على مشروع قانون تنظيمي رقم 17.19 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور.
ويهدف مشروع هذا القانون التنظيمي إلى تغيير وتتميم لائحتي المؤسسات والمقاولات العمومية والمناصب العليا المنصوص عليهما في كل من الملحقين رقم 1 ورقم 2 المرفقين بالقانون التنظيمي رقم 02.12.
وخلال الجلسة نفسها، تمت المصادقة بالإجماع أيضا على مشروع قانون رقم 50.17 يتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية. وقد جاء مشروع القانون المصوت عليه بعدة مستجدات مرتبطة بالسجل الوطني وهيئات أنشطة الصناعة التقليدية والمجلس الوطني وصناع الصناعة التقليدية، وشرط القيد بالسجل الوطني للصناعة التقليدية والامتيازات الممنوحة للصناع التقليديين.
ننشر النص الكامل لمداخلتي الأخ شقران أمام والأخت السعدية بنسهلي في عدد الغد.

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023

الأخ عبد الحميد جماهري يشارك في الندوة الوطنية المنظمة من طرف حزب التقدم و الاشتراكية

الكاتب الاول ينعي وفاة الاخ عبد اللطيف جبرو