قال ادريس لشكر الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي في اختتام اليوم الدراسي حول « النموذج التنوي الجديد» لحزب القوات الشعبية انه من الضروري التركيز على خمسة مرتكزات أساسية في بلورة نموذج تنموي مندمج قادر على مواكبة تحولات وتطورات بلادنا.
أولا، المرتكز المؤسساتي الذي سيمكن من تقوية دور المؤسسات لإسناد النموذج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تطمح إلى تطويره بلادنا في إطار المقتضيات الدستورية ودولة الحق والقانون وحماية الحقوق والحريات. وفي هذا الصدد، لا بد من العمل على تجاوز الأزمة المزمنة للمنظومة التمثيلية، وخاصة السلبيات التي أفرزها نمط الاقتراع اللائحي لأزيد من 15 سنة مما ساهم في ضعف أداء المؤسسات المنتخبة واستفحال الفساد الانتخابي باستعمال المال أو الإحسان المقيت. ولن يتم ذلك إلا بالمراجعة الشاملة للمنظومة الانتخابية بما يسهم في تجديد النخب السياسية، التي ينبغي أن تكون منفتحة على الكفاءات وعلى الفئات الشابة، التي من شأنها تغيير الواقع الحالي للعديد من المؤسسات التمثيلية، التي أثبتت جفاف تسييرها وعقم تعاملها مع واجباتها ووظائفها وعجزها عن التأطير، ويتطلب هذا ترسيخ تمثيلية القرب، إذ نؤكد أن الاقتراع الفردي من شأنه أن يكرس التواصل المستمر والجاد بين المنتخبين والمواطنين. كما ينبغي تمكين الفاعل السياسي من الآليات الضرورية لتطوير أدائه التأطيري.
ثانيا، المرتكز الاقتصادي الذي سيتيح استرجاع المبادرة الوطنية في مجال التدبير المالي والاقتصادي، خاصة وأن المغرب في حاجة اليوم إلى صياغة نمط من التنمية لا يراهن فقط على العوامل الخارجية والعولمة، ولكن البلاد في حاجة إلى نمط تنمية يحرك قوى الإنتاج الوطنية ويقوي القدرة الشرائية من أجل تنمية السوق الداخلية، نمط يفتح إمكانيات جديدة أمام ولوج الشركات الصغرى والمتوسطة لمصادر التمويل، مع ضرورة الابتكار في مجال أدوات التمويل. وإننا ندق ناقوس الخطر من أن التمادي في السياسة النقدية والمصرفية المالية الحالية، قد يؤدي إلى مزيد من عوامل الإفلاس المقاولاتي، وبالتالي من فقدان مناصب الشغل، مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر للمستوى المعيشي للأسر المغربية، وتفاقم عجز صناديق الاحتياط الاجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل. ولذلك، لا بد من التوجه نحو الاستثمارات المنتجة لمناصب الشغل من أجل خلق حركية اقتصادية قادرة على الدفع بمسار التنمية إلى الأمام.
ثالثا، المرتكز الاجتماعي الذي يمكن من ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتصلة بالشغل والتعليم والصحة، والتي أصبحت الهاجس الرئيسي، خاصة بعد التراكمات المهمة التي حققها المغرب على صعيد الحقوق السياسية والمدنية. وفي هذا الإطار، من الضروري، بل من المستعجل اتخاذ المبادرات الجريئة لإحداث مناصب الشغل، وكذا تشجيع اقتصاد إجتماعي استثماري منتج، لكسب المعركة ضد الهشاشة والإقصاء الاجتماعي.
كما أنه من المستعجل أيضا القطع مع الانتظارية والتحلي بالجرأة اللازمة لإصلاح المنظومة التربوية في شموليتها بما يمكن من تعبئة الطاقات والوسائل المالية والفكرية والموارد البشرية من أجل منظومة تعليمية لا طبقية حديثة ومتناسقة مع متطلبات التنمية، وهنا لا يعقل نهائيا السكوت عمن يريد الاحتفاظ بالتعليم العمومي، على حاله شكلاً ومضمونًا، بينما يوجه أبناءه إلى القطاع الخاص، لضمان تعليم عصري متنوع اللغات ومنفتح على العالم، نحن كاشتراكيين نطالب بالمساواة بين أبناء الوطن الواحد في التعليم، ليتلقى أبناء الفقراء نفس التعليم الذي يتلقاه أبناء الأغنياء، بنفس المضامين المنفتحة على تعلم اللغات الأجنبية والفكر النقدي والعقلانية.
وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من معالجة اختلالات المنظومة الصحية بتوفير خدمات صحية جيدة وفي متناول الجميع عبر إقرار نظام شامل للمساعدة الطبية يقوم على الإنصاف والعدالة الترابية.
رابعا، المرتكز المجتمعي الذي يشكل عاملا حاسما في عملية التحديث والتقدم ويجعل المشروع التنموي القائم على مقاربة النوع خطوة إضافية في طريق النهوض الفعلي بأوضاع النساء وضمان حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية. وينبغي للمشروع التنموي أيضا أن يتمتع بالآليات الإدماجية الضرورية الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين وغيرهم من الفئات المجتمعية، بما يجسد قيم الإنصاف والمساواة والتضامن.
خامسا، المرتكز الثقافي الذي من شأنه المحافظة على التعدد والتنوع في إطار وحدة الهوية الوطنية وفسح المجال أمام مساهمة أقوى وأنجع للتعبيرات واللغات المحلية في الثقافة الوطنية. ويجب التأكيد، في هذا الصدد، على الحق في الحرية، وضرورة تعزيز الإبداع الحر وثقافة الاختلاف وروح التعايش والانفتاح على الآخر.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023

الأخ عبد الحميد جماهري يشارك في الندوة الوطنية المنظمة من طرف حزب التقدم و الاشتراكية

الكاتب الاول ينعي وفاة الاخ عبد اللطيف جبرو