عنوان هذا العمود مستوحى من رواية الكاتب والصحافي الكبير، عبد الكريم غلاب، ويعبر عن الواقع العنيد الذي يصعب على البعض تقبله، وهو أن الماضي يصبح في حكم التاريخ، وليس الحاضر والمستقبل، ولذلك فدفنه أمر طبيعي، لكي لا تتعفن الجثة.
هناك من السياسيين من لا يتقبل هذا المعطى الحقيقي، مثل أولئك الذين مازالوا يتحدثون عن نظرية «البلوكاج»، أي عجز رئيس الحكومة السابق والمكلف، عبد الإله بنكيران، عن تشكيل حكومة، ويطالبون بفتح تحقيق حولها، كما لو كانت تستحق ذلك، في الوقت الذي تجري مياه متدفقة تحت النهر، في دينامية لا تلتفت إلى الوراء.
من الممكن أن تشكل الدعوة لفتح تحقيق حول ما سمي ب»البلوكاج»، موضوعاً لبحث تاريخي، تطبق عليه كل المناهج المستعملة في هذا الإطار، لكنها ليست بالمهمة المستعجلة، لأن ما هو مستعجل في الحقل السياسي المغربي، هو التقدم نحو إيجاد الحلول للمعضلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي ساهمت حكومة عبد الإله بنكيران في تعميقها. ناهيك عن الخطاب السياسي المتخلف الذي يتراوح بين الدفاع عن الظلامية والاحتفاء بالإشادة بالتشدد والإرهاب، ورفض كل إصلاح سياسي حقيقي، يستند على مبادئ الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان.
لا يمكن للمغرب أن يعود إلى الوراء، بل عليه أن يكرس طي صفحة الماضي، بكل تبعاتها، والتقدم في المجهود التنموي والبناء المؤسساتي والديمقراطي، رغم كل الصعوبات والمنعرجات التي تعترض هذا المجهود وهذا البناء، والتي ينبغي مواجهتها بشجاعة، لأن الطريق لم تكن أبداً معبدة ومفروشة بالورود.
و ما يمكن التأكيد عليه في هذا المجال، هو أن على بعض القوى الديمقراطية ألا تنساق وراء خطاب المظلومية، لأنه يحاول استدرار عطف ذوي النيات الحسنة، لصالح مشروع غير ديمقراطي، يعتبر مناضلي اليسار في القطاع الطلابي، ضحايا سنوات الرصاص، مجرد «ملاحدة»، كما قال أحمد الريسوني، في كلمته أمام مؤتمر منظمة التجديد الطلابي، ويتبرأ من الدعوة للتأويل الديمقراطي الحداثي لدستور 2011 .