من يحترم مولاي اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية ، والمطلع البليغ على التاريخ والجغرافيا في البلاد ، فوق ذلك كله، لا بد من أن يعارض منطقه الذي تحدث به في السياسة وفي الحكومة!

وصيغة الاحترام هنا، أن يتساءل المتتبع لمواقفه، باستغراب دياليكتيكي: كيف يمكنه أن يختزل ستةَ أحزاب في ثلاثةٍ، بدون تِبْيان قاعدة الفرز الذي اعتمده، بدون شعور بأنه يتعالى بطريقة تثير استغراب من صنفه دوما في خانة العقلاء في حزب الفقيد »علي يعته«.

فقد ورد في معرض حديثه التلفزي الأخير، أن الحكومة الحالية لا تتضمن سوى ثلاثة أحزاب، وهي العدالة والتنمية، والتقدم والاشتراكية .. ومجموعة أخنوش، بما يحمل ذلك من لمز وغمز !

قد نفهم توزيع التوصيف السياسي للحكومة على قاعدةالأغلبية السابقة والأغلبية اللاحقة.. ونقدر أن الحكومة تتشكل من الأغلبية السابقة، بمن فيها عزيز أخنوش وحزبه، بإضافة حزب واحد من خارج الأغلبية السابقة هو الاتحاد الاشتراكي..

وقد نقدر، أن الحكومة انبنت على توازنات سياسية،حسب القرابة أو البعد من الرئيس السابق للحكومة، و تجاوز الفهم الاجتزائي لنتائج الانتخابات، ونقدر أن الحكومة الحالية ضمت أحزابا كانت تعتبر أن وجودها في الحكومة »تحصيل حاصل«، لا يحتاج إلى أي تمرين تفاوضي، وأخرى اعتبرت أن الشأن السياسي ، يكون وليد ثقافة سياسية مبدعة ودينامية تتطور حسب تطورات البلاد والعباد، وبالتالي تعتبر أن وجودها في الحكومة يقوى هذه الثقافة ويزيد من مناعتها ويفتح هوامش غناها ..

وفي هذه القراءة أيضا ، لا يمكن القفز على التميز للمكانة التي تعود إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية..

ونلاحظ أنها المرة الثانية التي يكون فيها الاتحاد بموقع يميزه عن »المجموعة« وعن الشبكة التي يضعها مولاي اسماعيل العلوي في مصنفه الحزبي لما بعد سابع أكتوبر، أو بالتحديد ما بعد تشكيل الحكومة..

هناك أيضا مرة ثالثة: يلاحظ مولاي اسماعيل العلوي ولا شك، أن كل »جداول الأعمال« التي تتمحور حولها أشغال الأوساط الحزبية في البلاد، وأهمها الحزب الحاصل على الأغلبية، تدور، في عمقها حول موقع الاتحاد الاشتراكي، المؤسساتي، وفي الهندسة العامة للدولة والحكومة. ولم تعد النقاشات سجينة قطبية فرضتها مناولات إعلامية وأخرى سياسية أعقبت الانتخابات الجماعية ثم التشريعية ، بل صار الحزب الذي ينال القسط الأوفر من النقاش، من مواقع ومواقف مختلفة هو الاتحاد ، الشيء الذي يفرض المعالجة الموضوعية والتجرد في التعليق السياسي وعدم الانسياق وراء الاندفاعية والنزقية في التوصيف، غير الجديرين بسياسي ومناضل جدير بالاحترام..

وعليه، ففي صلب النقاش السياسي المؤسساتي، الحكومي والبرلماني اليوم، يوجد حزب القوات الشعبية، وهو أمر لا يمكن اختزاله في «تجميع» مغرض يروم التقزيم والضرب من تحت السياسة..

لهذا لا نفهم ، لماذا يميل الأمين العام السابق للتقدم والاشتراكية ويعلن انحيازه إلى التبسيط غير المنتج والنزوع غير المسؤول.

فليس المشهد السياسي خطاطةً بسيطة، يمكن أن نقدمها بشكل كاريكاتوري، بل هو واقع معقد، فرضته أنماط الاقتراع، وأنماط السلوك السياسي، قبل وبعد الانتخابات، كما فرضته وصفات التدبير الدستوري للمرحلة، ولهذا تقتضي الجدية السياسية أن نعالجه من مداخيل رصينة، تبتعد عن التبخيس، الذي يطال اليوم كل حقول الممارسة المؤسساتية، الحزبية منها والحكومية والحكاماتية حتى،… وسيكون مؤسفا حقا أن يصل الإسفاف إلى حصون العقل والتاريخ!

المصدر : يومية الاتحاد الاشتراكي

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023