كان للمنتدى الذي نظم بزاكورة، في نهاية مارس وبداية أبريل، الفضل في التنبيه إلى الإشكالات الكبرى، التي يطرحها إعلام القرب، وكل ما يتعلق بالتجارب الجهوية، حيث تدارس المشاركون من ممثلي المؤسسات الوطنية والحقوقية والمهنية والمنتخبة والجامعية والخبراء، الشروط الضرورية لتوفير إعلام محلي، يتميز بكل ما يتطلبه من إمكانات بشرية ولوجستيكية واقتصادية.
وقد أبرزت المناقشات الحاجة الملحة إلى أن تتوفر مختلف الجهات على مؤسسات إعلامية، خاصة بها، تهتم بشؤونها وتقدم خدمة مهنية، بكل المواصفات التي تقتضيها الصحافة، غير أن الواقع الذي تعيشه الصحافة الجهوية، ورقية ورقمية، لا يسمح بتحقيق هذه الغاية، في أغلب الحالات، لذلك تمت دعوة السلطات الحكومية والمؤسسات المنتخبة وكل المعنيين بالشأن العام، إلى إيلاء الاهتمام البالغ بهذا الموضوع، لأن الصحافة التي تغطي الشأن الوطني لا يمكنها أن تكون كافية لتغطية الشأن الجهوي والإقليمي، وتحقيق صحافة القرب اليومي.
و من المعلوم أن الدول الديمقراطية المتقدمة، تتميز بازدهار الصحافة الجهوية والمحلية، التي تكون في قوتها وتأثيرها المباشر، في العديد من الأحيان، أهم من الصحافة الوطنية والدولية. ويمكن الإطلاع على بعض النماذج، التي تطورت فيها صحافة ورقية ومحطات إذاعية وقنوات، تلعب دورا كبيرا في تشكيل الرأي بخصوص ما يجري في الحياة اليومية للمواطنين، ليس على الصعيد الجهوي والإقليمي والمحلي، فحسب، بل أحيانا على صعيد الأحياء، كما هو الشأن في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويمكن القول، إن تطوير الممارسة الديمقراطية، يتطلب اليوم تدارس هذا الموضوع، بكل ما يستحقه من اهتمام، من طرف كل الفاعلين في قطاعات الصحافة والإعلام، غير أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة والجماعات المنتخبة، والمؤسسات التي يمكنها أن تساهم في إرساء نموذج اقتصادي ناجح للمقاولة الصحافية الجهوية والإقليمية، ضمانا لصحافة القرب والشفافية اليومية المباشرة، المعتمدة على ممارسة إعلامية نزيهة وموضوعية وجيدة.