من الواضح أن هناك تراجعا في الخدمات العمومية، على أهم المستويات التي تعتبر حيوية بالنسبة للمواطن، ويتعلق الأمر بالصحة والتعليم والنقل، حيث يلجأ عدد كبير من المواطنين إلى القطاع الخاص، في العلاج والتربية، بينما لا يجدون في النقل العمومي، ما يلبي حاجيات الكثير منهم، لذلك يظل الحل هو اقتناء السيارات الخاصة.
ومن المنتظر أن يتضخم هذا الوضع، في ظل غياب الخدمات العمومية الضرورية، في هذه المناحي الأساسية من الحياة، رغم أن المواطنين يؤدون الضرائب، منهم من يتم اقتطاعها لهم من المنبع، لكنهم لا يجدون بالمقابل، الدور الذي ينبغي على الدولة أن تقوم به، في توفير مدرسة عمومية جيدة، وتغطية صحية ناجعة في المستشفيات والمصحات العمومية، ناهيك عن النقل العمومي، الذي لا يحظى بالأهمية اللازمة رغم أنه يعتبر في كل البلدان، من أهم الخدمات التي ينبغي تقديمها للمواطن من طرف الدولة.
ويمكن القول، إن من حق المواطن أن يتساءل عن مصير الضرائب التي يؤديها، وهل من حقه أن تنعكس في هذه الخدمات، التي يضطر إلى اللجوء فيها للقطاع الخاص، بينما من المفترض أن تقوم الدولة بذلك، كما هو الحال في البلدان المتقدمة رغم ارتفاع أجور العاملين فيها، مقارنة مع وضعية الأجور في بلادنا، بالنسبة لأغلب المواطنين المغاربة، والتي لا يمكنها أن تغطي تكاليف المعيشة والسكن والنقل والعلاج والمدرسة، إذا لم تتحمل الدولة مسؤلياتها، وتقدم مؤسساتها خدمات أفضل.
المسألة أصبحت حاسمة بالنسبة لمستقبل المغرب، إذ لا يمكن أن تتخلى الدولة عن التزاماتها، تجاه المجتمع، وعليها أن تقوم بإصلاح شامل، عنوانه علاقة الضرائب بالخدمات، ربما سيتطلب الوضع مراجعة النظام الضريبي، لكن كيفما كان هذا الإصلاح، فإن الخدمات العمومية الأساسية، تعتبر من صميم شرعية الدولة.