اهتز الرأي العام الدولي، بعد أَن شاع في وسائل التواصل، تحقيق، أنجزته القناة الأمريكية، cnn، عن بيع مهاجرين أفارقة في أسواق النخاسة في ليبيا، لتتحول هذه القضية إلى موضوع رئيسي في المشهد العالمي، حيث أدلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بتصريح اعتبر فيه ماحصل «جريمة في حق الإنسانية».
وملخص الحكاية المفجعة، أن هناك ميليشيات تنشط في محيط طرابلس، تعمل على بيع المهاجرين الأفارقة في مزاد علني، على غرار ما كان يحصل في غابر العصور، وما عرفته البشرية، قبل أن تصبح العبودية محرمة، غير أنها عادت للظهور في ليبيا، في القرن الواحد والعشرين، بتواطؤ واضح للعديد من الحكومات الأوروبية، خاصة إيطاليا.
فقبل أن تعمم cnn التحقيق الذي أنجزته، كان ثمة عدد من الجرائد الإلكترونية في ليبيا قد كشف عن أسواق النخاسة، كما أن منظمة الهجرة الدولية، كانت قد نشرت العديد من التقارير عن وجود أسواق النخاسة في هذا البلد الإفريقي، إلا أنه لا أحد أعارها الاهتمام، إلى أن تم بث تحقيق القناة الأمريكية.
وما يثير التساؤل، هو: من هي الجهة المسؤولة عن هذه الممارسات اللاّ إنسانية؟ التحقيقات التي أنجزت، تؤكد أن المهاجرين الأفارقة، يحشَرون في معتقلات لا تتوفر فيها أبسط ظروف الإنسانية، من اكتظاظ وغياب لشروط الكرامة الدنيا، التي من المفترض أن تتوفر حتى في السجون، بالإضافة إلى ذلك، سجلت التقارير الصحافية أن الأفارقة الذين يرمون في هذه المعتقلات، يتعرضون للضرب والإهانة، أما الذين يباعون في أسواق النخاسة، فإنهم يكونون عرضة لكل أنواع المهانة الإنسانية، من تعذيب واغتصاب، بل إن «مالكيهم» يطالبون بالفدية من طرف عائلاتهم لعتق رقابِهم.
من المؤكد أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، من هي الجهة المسؤولية عن هذه الجريمة في حق الإنسانية؟ حسب المصادر المتعددة، التي تعرضت لهذه الحالة، هناك الميليشيات المسلحة، التي تتشكل من ذوي السوابق، في محيط طرابلس، بتعاون مع ما يسمى ب»الثوار»، وهم جماعة الإسلام السياسي، الذين يتشكل أغلبهم من قدماء القاعدة.
على أن الأمر لا يقف عند هذا الحد. فثمة -على الخصوص- الدورُ الذي تلعبه الاتفاقات بين المجموعة الأوروبية والسلطات الليبية، للحد من الهجرة نحو القارة العجوز، حيث أصبحت ليبيا، تقوم بمهمة الحاجز الكبير لعبور المهاجرين الأفارقة لصالح أوروبا، في إطار توافق شامل، لا يكترث لمبادئ حقوق الإنسان أو حقوق المهاجرين أو ضحايا جرائم ضد الإنسانية.