جٓرٓتِ العادة أن يحظى الخطاب الملكي، بالأهمية اللازمة من القراءة والتحليل والتعليق، لأنه يعبر عن توجهات ومواقف صادرة من رئيس الدولة المغربية، بما لها من خلفيات وتبعات على القرارات والسياسة الداخلية والخارجية، وهذا تقليد يحصل أيضا مع مختلف رؤساء الدول، بأشكال مختلفة، حسب السياق الوطني الخاص بكل بلد.
وقد تميز الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش، بصراحة كبيرة وتضمن انتقادات شاملة، لمختلف مناحي الحياة العامة، بما في ذلك تلك التي هي من اختصاصات الدولة نفسها، في شجاعة هدفها رؤية الواقع بكل تفاصيله، على حقيقته، وبدون مساحيق.
غير أنه إذا كان الخطاب شاملاً، توجه بالنقد نحو النموذج الاقتصادي والاجتماعي، حيث سجل مفارقات صارخة، حيث قال إنه « بقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين… بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال إنها تقع في مغرب اليوم»، فإن «الاهتمام» انصبّ على جانب أحادي فقط.
فقد وجه الخطاب نقداً لاذعاً للإدارة العمومية، ولمسؤولياته وزارة الداخلية، وأيضاً للحكومة والوزراء، بالإضافة إلى السياسيين والأحزاب. غير أن ما صادف هوى لدى  بعض «المحللين» والمعلقين، هو ما يهم الأحزاب السياسية، متجاهلين كل القضايا الأخرى، التي تعرض لها الخطاب، وكأنهم كانوا منتظرين ومعبئين فقط، حول هذا الجانب، الذي لا يشكل سوى جزءٍ من الخطاب الملكي.
ورغم أنه من الطبيعي تقبل النقد، خاصة من قِبٓلِ الأحزاب التي تحترم التزاماتها أمام الشعب، فإنه من المؤسف حقاً أن تتحول هذه الصفة النبيلة إلى أداةٍ في يد من يحقد على الأحزاب السياسية، لحسابات صغيرة، ليس هدفها تطوير العمل السياسي، بل تصفية حسابات، نفسية أحياناً.
وقد تجاوز هذا السلوك، كل الحدود أحياناً، ليتخذ صفة الشتم والتحامل، بشكل مجاني، دون احترام أدنى أخلاقيات الجدل والاختلاف، حيث أطلق البعض العنان لنفسه، لتصريف نوازع عدوانية لا أقل ولا أكثر.