يثير الوضع الاجتماعي، في المغرب، قلقاً كبيراً، لأن تبعاته متعددة، على مختلف المستويات، خاصة على المستوى السياسي، لأن الفوارق الطبقية الصارخة لا يمكنها إلا أن تؤدي إلى الاحتقان، الذي يمكن أن ينفجر في بعض الأحيان على شكل احتجاجات وغيرها من أساليب التعبير عن رفض الواقع والمطالبة بتغييره، وهذا أمر طبيعي ومشروع.
غير أن المعضلة المطروحة تتجاوز هذا الإطار، حيث إن هناك عجزًا في تصور الحلول الملائمة التي من شأنها تجاوز الفوارق المتزايدة، ليس بين الطبقات، فحسب، بل بين المناطق أيضاً، رغم أن هناك وعياً بخطورة الواقع واعترافاً بضرورة تغييره.
لم يتمكن المغرب من نهج سياسة اجتماعية منصفة لمختلف الفئات، حيث ظل النموذج التنموي السائد، يؤدي عملياً إلى تكريس الفوارق، بل إلى تركيز الثروات في يد أقلية صغيرة، وبموازاة ذلك، توسعت دائرة الفقر والتهميش، حتى أصبحت فئات محسوبة في السابق على الطبقات المتوسطة، تعاني من صعوبات مادية ملموسة.
ليس سهلاً تصور نموذج تنموي جديد، يؤدي إلى تقليص هذه الفوارق، لكنه ليس بالأمر المستحيل، حيث نجحت العديد من الدول، خاصة في آسيا وأمريكا اللاتينية من التقدم في هذا المجال، بفضل سياسات محكمة، سيكون من المفيد الاستفادة من تجربتها.
وتتيح الظرفية الحالية في المغرب إمكانية فتح هذا النقاش، للخروج من التصور الكلاسيكي لوضع الميزانيات وتغيير النموذج التنموي الذي أصبح متجاوزاً، لأنه لم يعالج أخطر التحديات، وهو تقليص الهوة بين الأقلية من الأغنياء والأغلبية من الفقراء، بما لكل هذا من تداعيات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.
وما يساعد على مراجعة التصور الكلاسيكي للتنمية، ما يحصل في مغرب اليوم من توترات بسبب تفاقم الأوضاع الاجتماعية، خاصة وأن هناك أعداداً ضخمة من الشباب تصل يوميا إلى سوق الشغل، بدون أمل في تجاوز وضعية العطالة، كما تزداد الحاجة للتمدرس والسكن والتطبيب والرعاية الاجتماعية والنقل والماء… في بلد ثرواته محدودة، لذلك يجب اقتسامها بنوع من العدالة.