— رسالة الاتحاد —

تبرز أهمية عودة المغرب إلى مقعده بالاتحاد الإفريقي قمة بعد قمة لهذا التجمع الإقليمي الذي يعد امتدادا لمنظمة الوحدة الإفريقية، التي كانت بلادنا إحدى مؤسسيها ومحتضني مؤتمراتها الأولى في بداية ستينيات القرن الماضي. فمنذ الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في قمة العودة يناير 2017 اتضح أن نفَسا جديدا أصبح يسري في أجهزة الاتحاد، ودينامية تتسع لتشمل عددا من القضايا الراهنة، وذات الأولوية بالنسبة لهذه القارة، التي تواجه العديد من التحديات في مجالات اجتماعية، اقتصادية، بيئية وسياسية…
خلال اليومين الماضيين، وبمناسبة القمة الثلاثين، التي تحتضنها العاصمة الاثيوبية اديس أبابا، هناك شهادتان مهمتان للرئيس الحالي للاتحاد والرئيس المقبل، ضمن العديد من شهادات قادة الدول والمسؤولين الأفارقة، تعبر عن أهمية عودة المغرب: الرئيس الغيني ألفا كوندي الذي تحمل مسؤولية رئاسة الاتحاد الإفريقي منذ القمة التاسعة والعشرين، أعرب عن امتنانه الكبير للمغرب من أجل مساهمته المتواصلة من أجل الوحدة الإفريقية. «أنا مسرور لأنه خلال ولايتي، تمكن المغرب من العودة للاتحاد الإفريقي بالإجماع»، مؤكدا أن المغرب عاد إلى حضن أسرته المؤسسية الإفريقية من أجل توحيد وتركيز طاقات الأفارقة بدل تقسيمها.
وبلغة الأرقام، التي تبين ارتباط المغرب بإفريقيا، أشار كوندي إلى أن بلادنا استقبلت أزيد من 100 ألف طالب إفريقي، وسوت وضعية آلاف المهاجرين المنحدرين من دول القارة…
الرئيس الرواندي، بول كاغامي، الذي سيتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي للولاية المقبلة، اعتبر أنه «مع عودة المغرب، تصبح إفريقيا أكبر وأكثر قوة»، إذ تمثل «مؤهلا كبيرا، يتعين على الدول الإفريقية الاستفادة منه لتعزيز وحدتها وتضامنها».
عندما اتخذ المغرب قرار العودة إلى مقعده الإفريقي، كان يستحضر المساهمات التاريخية، التي قدمها من أجل وحدة القارة وتنميتها واستقرارها. فهو قدم ولايزال تضحيات جسيمة من أجل ذلك، ذكرت بها الندوات، التي تم تنظيمها عشية هذه القمة باديس أبابا، بمناسبة المعرض الذي يقام بالعاصمة الاثيوبية حول مشاركة وانخراط بلادنا في عمليات السلم والأمن وإفريقيا، ومبادراته الإنسانية، للوقوف مع شعوب الدول في محنها، بسب الكوارث الطبيعية أو المواجهات المسلحة .لذلك، فإن اكتسابه لعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي كان دون معارضة، كما أن المغرب يعد من بين الدول، التي تقود برامج التنمية في العديد من دول القارة من خلال مشاريع واتفاقيات ثنائية، تشمل مجالات شتى. وهو حريص كل الحرص على أن يساهم في تكوين العنصر البشري الإفريقي، باستقبال جامعاته ومعاهده المختصة لآلاف الطلبة والباحثين الأفارقة كل سنة…
إن كل هذه المساهمات وغيرها هي التي جعلت شهادات القادة الافريقية تؤكد أن عودة المغرب أساسية من أجل افريقيا قوية، مستقرة وموحدة. ودون شك، فإن بلادنا ستعمل من أجل هذه الأهداف. وما الإشارة السياسية القوية المتمثلة في تعيين وزير للشؤون الإفريقية إلا تأكيد من الرباط على أولوية الملف الإفريقي في علاقاته الدولية.