عرض الكاتب الأول في اجتماع المجلس الوطني 3 فبراير 2018

إننا عندما قررنا جميعاً المشاركة في الحكومة، كان هدفنا هو الدفاع عن هذه المواقف المبدئية، من داخل المؤسسات، والمساهمة في وضع حد للهدر السياسي، الذي عاشه المغرب، بعد الإنتخابات التشريعية لسنة 2011 ، رغم ما حققه من مكتسبات دستورية. لذلك فرغم موقعنا الحالي، فإننا لن نغير جلدتنا، وسنظل نواصل الدفاع عن موقفنا وبرامجنا ومشاريعنا، بكل الوسائل، وهو ما نسعى إليه عبر فريقنا البرلماني، في مجلسي النواب والمستشارين، وفي الحكومة، من خلال ممثلينا، لكن ينبغي أن نكون واضحين، فإن النجاح في ذلك، لا يمكن أن يتحقق، دون تقوية موقع حزبنا في أرض الواقع.

ولا يفوتني هنا التنويه بالدور الذي يلعبه أخونا الحبيب المالكي، في رئاسة مجلس النواب، وكذا وزراؤنا وفريقنا البرلماني في تقديم صورة حقيقية وإيجابية عن حزبنا، وفي الدينامية المتميزة التي أعطاها للمسؤولية التي يتولاها. وفي جميع الأحوال، إن عمل إخوتنا في البرلمان وفي الحكومة وفي مختلف المواقع الأخرى، يتكامل مع الدور السياسي الذي يحتله حزبنا في المشهد العام، والذي لا يقاس بأرقام نعرف جميعا، كيف تمت صناعتها، بل بالحضور النوعي للحزب في الحياة والتوازنات السياسية، فأنتم وكل المناضلات والمناضلين في القاعدة، الذين يصنعون قوة الحزب، وليس أي موقع آخر، كيفما كان وضعه، هذا هو الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، الذي لا يأبه بالمناصب، بل بنضاله وكفاحه، الذي تواصل وسيتواصل، من أي موقع كان فيه.

وقد أثبتت التطورات الأخيرة، خاصة في الإنتصارات التي حققناها فيالإنتخابات الجزئية، في كرسيف والناضور، وحتى الدوائر التي لم ننجح فيها، قدرة حزبنا من خلال مناضليه، وليس أي شئ آخر، على استرجاع المبادرة، ويؤكد ذلك أننا في حاجة للعودة  بقوة للمجتمع، كما كنّا سابقاً، من خلال إستراتيجية واضحة للعمل، تتمحور حول الإنفتاح على طاقات جديدة، موجودة بكثافة في المجتمع بمواقفها وكفاءاتها، والتخلي على سياسة الإنغلاق التنظيمي ونهج سياسة الإرتباط بالجماهير، ليس في جلسات صالونية، بل بعمل ملموس من خلال الأنشطة النقابية والجمعوية والإحتجاجية والتنموية وغيرها من أدوات القرب من الشعب في حياته اليومية.

الأخوات والإخوة، اننا مدعوون لاعتماد برنامج وطني يتطلب تجديد رؤية الحزب لقضايا أساسية، من خلال تنظيم منتديات متعددة لتدارس الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، لتجديد إدراك الحزب للتحولات الحاصلة في المجتمع، وإشكاليات التعليم والصحة والشغل، وتقديم إقتراحات حولإشكالية النموذج التنموي، بالاضافة إلى تنظيم ملتقيات علمية حول إشكاليات التعليم والثقافة والإعلام، وإجراء دراسة حول المنظومة الإنتخابية، دون إهمال القضايا الوطنية التي تهم المساواة بين الجنسين النساء وإشكاليات الشباب، وكل مايهم حقوق الإنسان والتعمير والإدارة الترابية والبيئة والنظام الضريبي.

كما أن من واجبنا متابعة وتقييم سير عمل المؤسسة التشريعية وكذا مشاركتنا في الحكومة.

أما على الصعيدين الجهوي والإقليمي، فإننا مدعوون لجعل 2018 ، سنة لإعادة التنظيم المجالي، من خلال تنظيم مؤتمرات إقليمية وجهوية، وإعطاء الأهمية القصوى للتنظيمات القطاعية والنسائية والشبابية، من أجل إنتاج قيادات متجددة.

ولا يمكن أن يتأتى ذلك دون تنظيم ملتقيات جهوية وإقليمية لتدارس الأوضاع السياسية الإقتصادية والإجتماعية، في الإقليم والجهة، وتحيين برامج العمل وصياغة برامج مدققة للعمل السياسي والتنظيمي، على شكل تعاقد مع القيادة الوطنية والقواعد، والإندماج القوي في المجتمع بواسطة منظمات المجتمع المدني، ووضع تصور للإنتخابات المقبلة، وتحديد أهداف واضحة للإستقطاب وتطوير العضوية، وتشغيل المقرات باعتماد برامج القرب على مختلف المستويات.

وتتعهد قيادة الحزب بأن تدعم وتساند كل البرامج التي تتوافق مع هذا النهج البناء، كما تؤكد أنها تتخلى عن مداخيل الإنخراطات، في حدود 80 في المائة، وهو ما ادى بنا الى اقتراح تعديلات في هذا الشأن في النظام الداخلي بشأن ما يتعلق بالتمويل المالي، محليا وإقليميا وجهوياً، للتشجيع على تمويل الأنشطة. وفي هذا الإطار، ستعمل على متابعة منظومة الشفافية في تسيير وتدبير الموارد المالية، من خلال نموذج وضع الميزانيات التي تقترحه.

إن حزبنا مدعو إلى التلاؤم مع كل التطورات والتحولات التي يعرفها المجتمع، والعالم من حولنا، وعلى هذا الصعيد، فإننا نؤكد على ضرورة المزاوجة بين التنظيمات المجالية والقطاعية، المهنية، حتى نتمكن من التأطير الملائم لكل الطاقات، كما أننا مضطرون لتجديد أدوات ومناهج التواصل مع مناضلينا ومع المجتمع، باعتماد التكنولوجيات الحديثة، لأننا نعرف جميعاً الدور الحاسم الذي تلعبه وسائل الإعلام والتواصل.

الإخوة والأخوات، إننا في هذا الإجتماع ملزمون بمناقشة مقترحات القانون الأساسي والنظام الداخلي، وهيكلة المجلس الوطني، وانتخاب اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات واللجنة الوطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات.

غير أنه، قبل ختام هذه الكلمة، لا بد أن نؤكد على أمر أساسي، هو أن كل النجاحات التي يحققها الحزب أو الإخفاقات التي يتحملها، ليست سوى نتيجة لأدائنا الجماعي، وهذا لا يعني أن القيادة تتملص من مسؤؤليتها الرئيسية، غير أن الرسالة التي نسعى لتمريرها هي أن الحزب فوق الجميع، فقد كنّا في المعارضة لمدة عقود، وشاركنا في الحكومة، وعدنا للمعارضة، واليوم، نحن جزء من أغلبية حكومية، لا نتبوأ فيه مكانة أولية، مما يعني أن كل هذه المواقع زائلة، وغير ثابتة، لكن ما هو دائم وراسخ هو حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، بمناضلاته ومناضليه وشهدائه وضحاياه وثراته في الكفاح وزعمائه الكبار وقياداته الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، وقطاعاته المهنية ونسائه وشبابه.

نحن حزب لا يُخْتَزَلُ، لأنه ليس مصطنعا ولا ثمرة ظرفية دولية أو إقليمية، مؤقتة، بل هو حزب راسخ في التربة المغربية، وينبغي أن نكون جميعا، عند هذا الموعد مع التاريخ.

ادريس لشكر

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

كلمة الكاتب الاول في المؤتمر الوطني التأسيسي للمؤسسة الاشتراكية للمنتخبات والمنتخبين الجماعيين والمهنيين ببوزنيقة

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا

الفدرالية الديمقراطية للشغل تحتفل بالعيد الأممي فاتح ماي بطعم الاحتجاج