ابراهيم ضريف

كنا قلقين اشد ما قلق حين توصلنا بنبأ رفض رئيس المحكمة الاستجابة لطلب نقله الى المستشفى نظرا لخطورة وضعه الصحي جراء التعذيب الذي تعرض له بمخفر الشرطة ، كان ذلك يوم 23ابريل1979مساء بمقر الاتحاد الاشتراكي الكائن انذاك بزنقة فاطمة الفهرية بديور الجامع بالرباط .

كنا مجموعة من مناضلي الشبيبة الاتحادية نقترح و نناقش الاشكال النضالية التي يمكن القيام بها للضغط من اجل انقاذ حياة محمد كرينة الذي اصبح رمزا للصمود والتضحية لرفضه التوقيع على محضر مفبرك يتضمن اعترافات غير صادرة منه من شأنها ادانته و مجموعة من المناضلين الاتحاديين والحكم عليهم بعقوبات قاسية عقابا على التظاهر سلميا تضامنا مع الشعب الفلسطيني بمناسبة يوم الارض الذي يصادف 30 مارس من كل سنة.

24ابريل1979 مات كرينة بالسجن ،انتشر الخبر كالصاعقة، اختلط الحزن بالغضب و تحركت الاجهزة الامنية بكل اصنافها تراقب مقر الحزب و تحركات المناضلات و المناضلين و الطلبة بالجامعة.

تقرر ايفاد وفد من الشبيبة الاتحادية لحضور مراسيم الدفن وتقديم العزاء لعائلة الشهيد و للمناضلين باكادير تحت رئاسة الاخ عبد الهادي خيرات الكاتب العام للشبيبة الاتحادية و عضوية الإخوة طارق القباج و محمد الساسي و الحسين بن عياش وعبدربه ، وصلنا اكادير قبل غروب الشمس استقبلنا الاخوان بمقر الكتابة الاقليمية اتذكر منهم المرحوم الاستاذ محمد المتوكل ، الاستاذ الطيب الساسي ،المرحوم الاستاذ محمد السوسي والاخ ابراهيم الرباطي والمرحوم ابراهيم الراضي رئيس المجلس البلدي.

كانت اكادير حزينة وغاضبة تعيش شبه حالة طوارئ ، كانت الكتابة الاقليمية في اجتماع مفتوح و المقر مليئ بالمناضلين من انزكان تيزنيت تارودانت سيدي افني…يتبادلون العزاء، من يعزي من؟ العزاء واحد ، السلطة في حالة تأهب مخافة ان تتطور الاوضاع من غضب وحزن الى انفجار شعبي خصوصا ونحن على بضعة ايام من فاتح ماي و رفاق الشهيد لايزالون رهن الاعتقال .

السلطة في اتصال مستمر بالكتابة الاقليمية تطلب وتلح على تسلم الجثة و الاسراع بالدفن على ان يكون يوم الغد 26 ابريل بعد صلاة الظهر او العصر ، الجواب : لا دفن الا بحضور الأخ عبد الرحيم بوعبيد الذي كان قد اصيب بوعكة صحية جراء نزلة برد حالت دون حضوره باكادير التي لم يزرها منذالانتخابات البرلمانية سنة1977 حين ترشح بها وتم تزوير النتيجة بشكل مفضوح لفائدة مرشح السلطة وكان ذلك اول ضربة للمسلسل الديمقراطي الذي انطلق سنة1976.

في الغد 26 ابريل انتقلنا الى منزل الشهيد بانزا لتقديم العزاء وجدنا والدته المكلومة في ظروف صحية يرثى لها و كان البيت المغطى بالقصدير ضيق لايتسع للزوار ، اسرة كادحة فقيرة اغتالوا امالها ، ونحن في الطريق راجعين الى اكادير اوقف المرحوم عباس القباج سيارته ليجهش بالبكاء موقف انساني لن انساه.

بالكتابة الاقليمية علمنا ان سي عبدالرحيم غادر الرباط و سيصل في المساء الى اكادير و سيوارى جثمان الشهيد الثرى يوم غد بعد صلاة الظهر.

حاول الاخ عبد الهادي خيرات كتابة كلمة تأبينية غير انه لم يقتنع بما خططه استنجد بنا نحن الثلاثة الساسي بنعياش وانا الا اننا عجزنا على إيجاد الكلمات والعبارات التي تفي الشهيد حقه لما سمعنا عنه من اصدقائه واخوانه الشباب و مناضلي الحزب و النقابة من خصال الاخلاق الحميدة و نكران الذات و ذكاء و تألق في الدراسة ووفاء واخلاص لمبادئ الاتحاد…كان رحمه الله شعلة على حد تعبير المرحوم الاستاذ محمد السوسي الذي كان احد مؤازريه امام المحكمة ، ومن بين ما حكى عنه ان الشهيد لما استسلم لانواع التعذيب الذي تعرض له مجبرا على توقيع المحضر كتب محل التوقيع كلمة” أوهو” وتعني بالامازيغية”لا” ولا شك ان الدفاع كان قد استغلها في دفوعاته باعتبارها رفض من الشهيد للاعترافات المنسوبة اليه بالمحضر.

في الغد27 أبريل1979 اقيمت صلاة الجنازة بمسجد لبنان ، تحرك الموكب الجنائزي نحو مقبرة احشاش ، بعدد كبير من المناضلين من كل الاعمار و الفئات يتقدمهم سي عبد الرحيم على متن سيارة الاسعاف بجانب نعش الشهيد الملفوف في العلم الوطني .

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023

الأخ عبد الحميد جماهري يشارك في الندوة الوطنية المنظمة من طرف حزب التقدم و الاشتراكية

الكاتب الاول ينعي وفاة الاخ عبد اللطيف جبرو