في منتصف هذا الاسبوع يدخل إلى حيز التنفيذ قانون العمال المنزليين، بعد مسار دام عقدا من الزمن، عرف خلالها مناقشات واجتهادات و»انزلاقات» وانتهاكات لمنظومة حقوق الإنسان، إلى أن تمت المصادقة عليه من طرف المؤسسة التشريعية في غشت من السنة الماضية.
لقد تم تحديد العاشر من الشهر الجاري، كي تسري مقتضيات هذا النص المكون من 26 مادة موزعة على خمسة أبواب .وإذ نسجل إيجابية إصداره بالرغم من ثغراته وقصوره في توفير الحماية الاجتماعية والحقوقية، فإن هناك متطلبات عدة يجب أخذها بعين الاعتبار لدى إعمال هذا القانون، من بينها ضرورة تكييف مدونة الشغل مع بعض مضامينه، واعتماد هذه المدونة لدى سريانه، من قبيل اتفاقيات العمل الجماعية، وحماية الأمومة وساعات العمل العادية،والراحة الأسبوعية، والراحة التعويضية، علاوة الأقدمية والضمانات التعاقدية، وكذا الحرية النقابية، والحق في التنظيم، المساواة في الأجور، التسجيل في الضمان الاجتماعي، التغطية الصحية الأساسية، والسكن اللائق.وهي حقوق أوردها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في وثيقة نشرها أثناء مناقشة مشروع القانون بالبرلمان، كما أنها مدرجة بصيغة أو بأخرى بهذا النص.
إن عدم اعتماد السن المعترف به عالميا في حقل الطفولة واختيار 16 سنة كعتبة يلج منها الأفراد إلى سوق العمل المنزلي، سيعمل على مواصلة استغلال الأطفال في البيوت .ونحن نعرف أن هناك أزيد من 80 ألف فتاة مغربية عمرها لايتجاوز ال 15 سنة خادمات بالبيوت، حسب بحث أجرته المندوبية السامية للتخطيط.. وهنا ستبرز إشكالية تشغيل الأطفال التي تتسع يوما بعد يوم في النسيج الاجتماعي المغربي.
لقد صادقت الحكومة في السبوع الماضي عشية دخول القانون حيز التنفيذ على مرسوم يتضمن لائحة الأشغال التي يمنع إسنادها للعاملات والعمال المنزليين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و18 سنة؛ مرسوم يهدف إلى تتميم لائحة الأشغال المرتبطة ببعض المهام المتعلقة بالعمل المنزلي بالنظر إلى خطورتها على سلامة وصحة العاملات والعمال المنزليين من الفئة العمرية المشار إاليها إعلاه ، وعلى سلوكهم الأخلاقي أو ما قد يترتب عنها وما قد يخل بالآداب العامة.وهي لائحة تتضمن خمسة عشر نوعا من الأشغال، اعتبرها المرسوم تشكل خطرا بيّنا على صحتهم.
لذلك يجب أن يكون تطبيق قانون العمال المنزليين حقوقيا بامتياز، وأن تكون آليات المراقبة ناجعة وفعالة ، كما يجب الحرص على احترام ظروف التشغيل، وتنفيذ العقوبات في حال إخلال المشغل بذلك، أو إرغام الشغيل على القيام بأعمال تتنافى والقانون .
إن هناك التزامات دولية لبلادنا ،التي صادقت على ترسانة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، من بينها مثلا أن المغرب مطالب بتنفيذ الهدف 8 -7 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، الذي يلزم الدول بالقضاء على جميع أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2025، وهو موعد لا يفصلنا عنه سوى ولاية تشريعية عادية جديدة والمأمول أن تكون بلادنا في الموعد.