في كل مرّةٍ تحاول فيها القنوات العمومية تقديم برامج تناقش الواقع الحقيقي في الحياة، مثل مشاكل الشباب وغيرها من القضايا التي يعيشها المجتمع، سواء ما يتعلق بالتربية الجنسية أو بالتجارب العاطفية، إلا وتقوم قائمة الذين يتٓقٓمّصونٓ دور الطهرانية، فيهاجمون هذه القنوات، وينعتونها بأخطر النعوت، ويحرضون ضدها، متجاوزين بذلك القوانين التي يمكن اللجوء لها، لو تطلب الأمر ذلك.
هؤلاء المحرضون، الذين يدافعون عن التطرّف، يتجاهلون، بشكل مقصود، القانون، لأن لهم مشروعهم المجتمعي، الذي يرفض، بشكل مطلق، الدولة المدنية الحديثة، بكل ترسانتها القانونية والمؤسساتية، إذ كان بإمكانهم اللجوء لما يتيحه قانون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من مقتضيات، لتقديم شكايات، إذا اعتبروا أن هناك ما يسيء للأخلاق أو يدعو للإباحية أو ينشر الخلاعة…
بالإضافة إلى كل هذا، هناك قوانين أخرى، جاري بها العمل، ويمكن اللجوء إليها، مع العلم أن المسؤولين عن وسائل الإعلام العمومية، حريصون هم أيضا على القانون وعلى الأخلاق، لكن هل يعني هذا أنهم لن يتيحوا الفرصة للاجتهاد في البرامج والأفلام وغيرها من الإنتاجات، هل يريدون لهذه القنوات أن تتحول إلى نسخة مشابهة للقنوات التي يشرف عليها السلفيون والإخوان المسلمون، في بلدان أخرى؟
هناك دفاتر للتحملات وقوانين، في المغرب، هي التي تحدد المعيار المعتمد، أما غير ذلك، يمكن أن يدخل في باب التعليق والنقد وحرية التعبير، التي لا تحتمل التحريض بواسطة التطرّف، والدفاع عن الحق في الدعوة للعنف والكراهية والإشادة بالإرهاب…
غير أن المثير في هذا الأمر، هو أن أصحاب هذه الدعوات، ليسوا مثالا في الأخلاق والطهرانية، بل لقد أثبتت الوقائع المتعددة، أنهم أكثر الناس عرضة للرضوخ لنزواتهم، بأشكال فاضحة، وما هو أفضح هو تلك الترسانة الإعلامية والإيديولوجية، التي تُرْصَدُ للدفاع عن هذه الفضائح، من طرف إخوانهم وأخواتهن «الطهرانيين».
لن يتوقف هؤلاء عن لعبة الطهرانية، لأن كل الإيديولوجيات الشمولية، تتبني هذه المنهجية، التي يتأكد بعد ذلك أنها مجرد نفاق، وأن حُماتها، من رجال ونساء الكهنوت، هم أول من ينتهكها، ولنا في تاريخ البشرية والأمم والحضارات، عِبٓرٌ كثيرة.