عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
في العلاقات المغربية الإسبانية، هناك ملفات عدة بتعدد قضاياها ومضامينها وعمقها التاريخي، من بينها واحد له راهنيته، ويتعلق بالأمن. ملف له أكثر من مستوى، وأبرزها التعاون في مواجهة الإرهاب. وفي إطار إبراز أهميته، احتضنت الرباط نهاية الأسبوع أشغال» المنتدى الإسباني المغربي للأمن ومكافحة الإرهاب « في دورته الثانية . وقد تزامن ذلك مع الذكرى ال14لأحداث الدار البيضاء الأليمة، التي كان أحد المواقع الثقافية ببلادنا هدفا من ضمن أهدافها.
خلال أشغال هذا المنتدى، تم تقديم عدة عروض، تبرز خطورة الظاهرة الإرهابية وشروط مواجهتها . ولعل في التعاون المشترك والمتعدد الأطراف أحد هذه الشروط، وكذلك أهمية استناد محاربتها،تكمن في وجود استراتيجيات وعنصر بشري، له من التكوين والفعالية ما يؤهله للحد منها، ومحاصرتها وإجهاض مخططاتها . وتجربة المغرب في هذا الإطار،أصبح لها صيت دولي وإقليمي، بفعل نجاعة المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي استطاعت مصالحه منذ 2002 تفكيك 170 خلية إرهابية في المغرب، وإيقاف 3137 شخصا في هذا السياق، وإحباط 344 مشروعا يستهدف المملكة.
ولعل إحدى بؤر تغذية الفكر الإرهابي خلال الخمس سنوات الأخيرة، هي التنظيمات الإرهابية المتواجدة بكل من سوريا والعراق وليبيا ، وهي تنظيمات استعملت آلاف الشباب من عشرات الدول كوقود في أجندتها، حيث فارق الحياة المئات من المغاربة، من خلال المواجهات المسلحة أو الأوامر بتفجيرات انتحارية في هذه المناطق المشتعلة حروبا أو تدميرا أو في دول أوربية مثل فرنسا وبلجيكا….
لكن، ولكي تكون مواجهة الإرهاب أكثر نجاعة، فإنها تقتضي تعاونا مشتركا أوسع من التعاون الثنائي . ففي البقعة الجغرافية التي يتواجد فيها المغرب واسبانيا، تم إنجاز عمل يشاد به من أوجهه أن البلدين نجحا من خلال العمليات الاستباقية في إفشال عدة مخططات، واعتقال عشرات الإرهابيين، لأن التنسيق بين الأجهزة المختصة،يتم بفعالية بين الرباط ومدريد. لكن والمحيط الإقليمي للبلدين،يعرف على مستواه الإفريقي هشاشة أمنية واجتماعية، فالتعاون الثنائي، يتطلب كذلك تعاونا متعدد الأطراف. وهنا ينبغي أن تنخرط الجزائر في هذا التعاون،وهي البلد الذي اكتوى بنار الإرهاب،الذي حصد أرواح أكثر من ربع مليون شخص خلال عقد من الزمن اصطلح عليه بالعشرية السوداء. والجزائر، تعرف –يوميا- مواجهات مع إرهابيين، وتلاحق خلاياهم، وتعثر على مخازن أسلحتهم ، وهو البلد المجاور لليبيا الممزقة، والتي تنشط فيه الجماعات الإرهابية، وتزيد خرائطها الجغرافية والبشرية تمزيقا ، وهو البلد الذي له حدود واسعة مع مالي والنيجر اللتين تشكلان جزءا واسعا من منطقة الساحل جنوب الصحراء، وفيه تتحرك عناصر القاعدة وداعش، وتقوم بعملياتها وتخطط لاعتداءاتها .
إن عدم وجود تعاون بين المغرب والجزائر، يعد « نقطة سوداء في مجال التعاون المغربي الدولي في هذا المجال « كما قال رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية خلال مداخلته في هذا المنتدى . ولايعقل أن تتحكم حسابات ضيقة لدى جارتنا الشرقية، وتدفعها لاتخاذ موقف عدم التعاون، لمواجهة ظاهرة خطيرة مثل الظاهرة الإرهابية. نتمنى أن يتغلب منطق العقل من أجل الانخراط الثنائي والمتعدد الأطراف حماية للأرواح والممتلكات، واستباقا للمخططات، التي لها هدف واحد، ألا وهو التدمير والتقتيل.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

وفد عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشارك النسخة الثانية من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين بكولومبيا

الكاتب الأول إدريس لشكر: ضرورة نهضة حقيقية لمنظومة التربية والتكوين لتنزيل الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار

عبد الرحيم شهيد : الحكومة الحالية ذات التوجه الليبرالي ليس لها نفس سياسي ديمقراطي

الكاتب الأول في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بزاكورة:نحن في حاجة إلى أن نحافظ على وحدتنا، وبلادنا كما يشاهد الجميع قدمت دروسا لجيراننا