اتخذ المغرب موقفاً واضحاً تجاه خطوة تنظيم استفتاء في إقليم كاتالونيا، مدعماً القرار الرسمي الذي اتخذته مدريد، بمنع هذه المبادرة، ويمكن القول إن الموقف المغربي جاء منسجماً مع سياسته العامة تجاه الوحدة الترابية للدول، بينما نجد أن الموقف الإسباني، سواء على الصعيد الرسمي أو من طرف الأحزاب السياسية، غير منسجم، حيث يتعامل بمنهجية الكيل بمكيالين، من منطلق المصالح الإسبانية، وهو ما يحصل في قضية الصحراء المغربية، مثلاً.
فمدريد هي المؤهلة، بحكم استعمارها للصحراء، بأن تكون أكثر تجاوباً مع الموقف المغربي، في استرجاعه لصحرائه، لأن لديها من الأدلة والوثائق والوقائع، ما يتيح لها أن تكون إلى جانب الحق، بينما نجدها، إلى جانب الأحزاب السياسية الإسبانية وجزءاً لا يستهان به من المجتمع المدني والإعلام في هذا البلد، فاعلاً أساسياً في دعم المخطط الانفصالي الذي تقوده الجزائر.
فبالإضافة إلى الوثائق الرسمية الإسبانية، التي تؤكد أَن مدريد كانت تتعامل مع الصحراء، كمنطقة واحدة، من سيدي إفني شمالاً إلى لكويرة جنوباً، وجمعتها إدارياً وعسكرياً، سنة 1946 في ما سمته آنذاك، «الصحراء الغربية الإسبانية»، فإن الصيرورة التاريخية لاسترجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية، تكشف حقيقة هذا الملف.
فقد شن جيش التحرير المغربي، مباشرة بعد استقلال المغرب، حرباً شاملة على الوجود الإسباني في الصحراء، وكاد الأمر ينتهي آنذاك، لولا التدخل الفرنسي، الذي دعم القوات الإسبانية المنهزمة، ونفس الأمر سيحصل مع قبائل آيت باعمران، التي خاضت معارك بطولية ضد الوجود الاستعماري الإسباني في سيدي إفني، وكل المناطق المجاورة، بل وصلت هجماتها إلى العيون.
كانت نتيجة هذه المعارك، توقيع إسبانيا لمعاهدة مع المغرب، يسترد بموجبها إقليم طرفاية، سنة 1958، بينما رفض الإسبان الانسحاب من سيدي إفني، لكنهم اضطروا لمغادرتها سنة 1969، بعد قرار الأمم المتحدة، القاضي بتصفية الاستعمار في هذه المنطقة، وفي ما يسمى اليوم، ب»الصحراء الغربية»، التي رفضت إسبانيا تسليمها للمغرب، إلا أن تم ذلك سنة 1975، تحت ضغط المسيرة الخضراء.
لم يكن لهذه «الصحراء الغربية»، أي وجود منفصل عن باقي المناطق الصحراوية الأخرى، التي كانت تحتلها إسبانيا، مثل طرفاية وسيدي إفني، حيث كانت إقليما واحدا على المستويات القانونية والإدارية والعسكرية والواقعية، وتعرف مدريد أن اختلاق هذه التسمية جاء من طرف الانفصاليين والذين وقفوا وراءهم في ليبيا والجزائر، فركبت نفس الموجة خدمة لمصالحها.