تعرف أخلاقيات المهنة في مجالات عدة انتهاكات فظيعة دونما قصد أحيانا،وعن عمد وسبق إصرار أحايين كثيرة.ولهذه الانتهاكات كلفة باهظة بالنظر إلى تأثيراتها على متلقيها ولدى الرأي العام.
من أبرز المجالات التي نبدي بصددها عددا من الملاحظات، هناك الحقل الصحفي، ومهنة المحاماة و»محللو «الأحداث والتعليق عليها.
اليوم، هناك داء السيبة، أصاب العديد من المنابر، مواقع إلكترونية أو صحافة مكتوبة.إذ لم يعد للخبر من هوية متعارف عليها سوى ضخه بحمولة من الوقائع لم يتم التأكد من صدقيتها،بل أصبح هناك «صحفيون» محترفون في بث الأباطيل والأضاليل تجاه شخصيات ومؤسسات وأحداث.ومنهم من يعميه السبق الصحفي عن أخلاقيات المهنة وأصولها، ويضع نفسه رهن إشارة هذه الجهة أو تلك أو هذا الجهاز أو ذاك ….خدمة لمصالح خاصة أو لتصفية حسابات أجنحة وأطراف متصارعة على مواقع ودوائر.
لقد حول عدد من الصحفيين أقلامهم إلى خدمات تحت الطلب.وأصبحت هذه الأقلام بدل أن تكتب بمداد المصداقية، نجدها تنفث مغالطات بل إن هناك منابر أصبحت مضامينها وكأنها وقود تصب على أحداث ووقاىع لتزيد من حرائقها.
نحن هنا لا نصادر حرية التعبير، ولا نضع أنفسنا أوصياء على الرأي، بل نندد بالانزلاقات التي تطالهما وبتحويل مهنة المتاعب إلى مهنة الأكاذيب…
في مجال المحاما،ة كشفت أحداث عديدة عن انزياحات أشخاص نصبوا أنفسهم في ملفات أو تم تنصيبهم عن قواعد وأخلاقيات المهنة. وكما الحقل الصحفي فإن حقل الدفاع، أصبح يعاني من تدني معرفي، وضحالة فكرية، وجهل قانوني…
لنضرب مثلا، وقد نقدم عشرات الأمثلة:
في ملف الأحداث، التي تعرفها منطقة الحسيمة، صرح محامون بأن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، التمست إنزال العقوبة على عدد من المعتقلين.ونشرت جرائد ومواقع هذه التصريحات.في حين أن أطوار المحاكمة، لم تخرج بعدُ من أيدي قاضي التحقيق، الذي يعود له وحده قرار الإحالة من عدمها، وهو مالم يتم بعدُ كي تنطلق جلسات القاضي الجالس، والتي تتوج بمرافعة القاضي الواقف، الذي هو النيابة العامة، كي تقدم ملتمساتها بشأن العقوبة، التي تراها من وجهة نظرها مناسبة للوقائع، التي تتضمنها ملفات المعتقلين…هكذا هي المسطرة الجنائية في منطقها وأجندتها.
هناك إذن، مغالطات صرح بها محامون، ونشرتها جرائد تدعي أن النيابة العامة التمست عقوبة الإعدام(؟؟). وتصوروا مدى الانعكاسات النفسية والأمنية، التي تخلفها مثل هذه الأخبار الزائفة العارية من الحقيقة.والغريب، أن من نشروا واقعة الإعدام، لم يكلفوا أنفسهم نشر بلاغ الوكيل العام، الذي كذب أخبارهم.
في نفس الملف، لانفهم محاميا خرج من جلسة أو زيارة لموكله، ويطلق تصريحات سياسية نارية لاحمولة قانونية بها..أو يتجه كمحام للاعتصام ببهو مستشفى، مطالبا بزيارة معتقل يوجد في قاعة الإنعاش بسبب إضرابه عن الطعام.ولانفهم كيف يستعمل محام، وهو أو هي شخصية قانونية، معجما لاعلاقة له بالقانون!!؟؟
إننا لاننصب أنفسنا هيئة محاماة وصية على أعضائها، ولها حق إثارة انتباههم أو تأديبهم بما يخوله لها القانون من اختصاصات.لكن، وإذ نبدي ملاحظات، فمن أجل أن لا يتم العبث بملف معتقلين نطالب بإطلاق سراحهم أو محاكمتهم محاكمة عادلة تأخذ بالظروف والمطالب المشروعة لهؤلاء المعتقلين…
ثالث المجالات، هذه»الكتيبة»من المحللين الذي ابتلي بهم وبخاصة وسائل الإعلام المرئية.متخصصون في كل شيء على اطلاع على كل ملف، ودراية بكل قضية حتى لو كانت «علاقة النمل في زمبابوي بالمخابرات المريخية»، فلهم فيها رأي ونظر.
لقد أبان بعض هؤلاء الذين أصبح لهم امتياز الحصول على شهادة السكني من هذه القناة أو تلك عن فقر مدقع في الإلمام بالقضايا السياسية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والدولية. والغريب أن لدى بعضهم، مراكز بحث استراتيجية…
إن الجامعة المغربية، والحقل الأكاديمي، والمعرفي، والسياسي، والدبلوماسي، يعج بالكفاءات.. فلماذا تصر قنوات على منح امتياز التحليل والتعليق لأشخاص ليسوا في مستوى ذلك، وليسوا اهلا له؟
هذه ملاحظات عامة، رصدناها في مجالات ثلاثة: في الصحافة، والمحاماة، والتحليل .وإذ نثيرها، فلأننا نعي تأثير ما ينشر، وما يصرح به، وما يقدم للمشاهدين على الرأي العام، وما قد يخلفه من نتائج سلبية ومن أعطاب يصعب معالجتها.
نتمنى التقيد بأخلاقيات المهنة، وبالحرص على المصداقية، وعلى الحقيقة دون مزايدات ولامغالطات.
لقد أدت أحزاب ونقابات وشخصيات وقضايا وملفات ومؤسسات فواتيرَ باهظة جرّاء هذه المنزلقات.ويبدو أنه حان الوقت لوقف هذه الممارسات.

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

الكاتب الأول يحضر اللقاء التواصلي الأول لنقيب المحامين بالرباط

تقديم طلبات التسجيل الجديدة في اللوائح الانتخابية إلى غاية 31 دجنبر 2023