من بين أهم القضايا التي مازالت مطروحة في الحياة السياسية المغربية، مسألة إنتاج النخب، خاصة بعد التراجع الذي عرفه مستوى التمثيلية، مما أدى إلى تبخيس واضح لصورة المنتخبين، على كل المستويات الوطنية والمحلية، رغم أن هذا الحكم الصارم بهذه الإطلاقية، غير صحيح، إذ هناك تفاوتات في الكفاءات والمصداقية.
غير أن التساؤل الذي من المشروع طرحه، هو كيف يتم إنتاج النخب التي تتولى المسؤوليات، وهل يساعد نمط الاقتراع الحالي على توفير الكفاءات، أم أنه يقصي بعضها ويدفعها إلى الابتعاد عن خوض المعارك الانتخابية، على الخصوص، نظراً لما تعرفه هذه العملية من استعمال مفرط لأدوات وأساليب يطغى عليها طابع الزبونية وشراء الأصوات، بشكل مباشر أو عن طريق الشبكات الإحسانية.
ويمكن القول إن المنظومة الانتخابية، بالإضافة إلى الأدوات المستعملة في حشد الناخبين، تحتاج إلى مراجعة عميقة، بعد أن تٓبٓيّنٓ حجم الخصاص في النخب القادرة على لعب دور حقيقي في تأطير مطالب ومقترحات المواطنين، رغم وجودها في مجالس منتخبة وتوليها للمسؤولية، إلا أن العديد منها فاقد للمصداقية، إذ تتحول هي نفسها إلى مشكلة، بدل أن تكون جزءاً من الحل.
ونتيجة لهذا الوضع الذي مٓيّزَ الاستحقاقات خلال العقد الأخير، فإن النتيجة كانت هي ابتعاد الكفاءات والعديد من النخب عن خوض غمار الانتخابات، إذ أصبح ذلك، بالنسبة لهم، مجرد مغامرة خاسرة، في منافسة غير مشروعة، أمام الأساليب المستعملة، خاصة توزيع الأموال والمنافع والإعانات، وغيرها من الوسائل التي تتطلب المال والنفوذ، بعيداً عن أي برنامج للإقناع الفعلي، مما جعل من العمليات الانتخابية، منافسة مادية أكثر منها معنوية.
لذلك، فإن استمرار هذه الممارسات، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى الانتقاص من دور المؤسسات التمثيلية ومن صورتها، والتراجع المتواصل في الكفاءات التي لا تجد مكاناً لها في إطار هذه المنظومة التي تعيد إنتاج نظام الأعيان.
ومن اللازم هنا التأكيد على مسألة هامة، وهي أن الجواب عن استعمال الشبكات الإحسانية/الدينية، التي تُوٓظّف في الانتخابات، ليس هو نسج شبكات أخرى منفعية، بل هو محاربة استغلال الدين بشكل غير أخلاقي، في السياسة، والجمعيات الإحسانية الموازية، التي أصبحت آفة في الواقع المغربي.

الكاتب : يونس مجاهد

تعليقات الزوار ( 0 )

مواضيع ذات صلة

الخروج  اليوم عن المبادئ والقواعد والأعراف والتوافقات ترجمة لمنطق التغول : إلزامية عدم التراجع عن المكتسبات التي سبق إقرارها في النظام الداخلي

حتى  لا تتحول مجالس الحكامة الى آلية للتحكم

اليوم يفتتح ذ.إدريس لشكر المؤتمر الوطني لقطاع المحامين

الأغلبية تظهر «وحدة الواجهة ـ الفاصاد»، وواقع مكوناتها يؤكد ما قاله الاتحاد وكاتبه الأول..