لم يشهد الحوار الاجتماعي، في العقدين الأخيرين، جموداً حقيقياً، كما شهده مع وصول عبد الإله بنكيران إلى رئاسة الحكومة، سنة 2011، التي أعادت عقارب الساعة عقودا إلى الوراء، عندما كانت السلطات الرسمية تتعامل مع الحركة النقابية بمنطق الخصومة والإقصاء، وهو ما ساد لحد الآن، حيث واصلت الحكومة الحالية، تجاهل المطالب النقابية، رغم قبولها للحوار الاجتماعي، لكن دون أن تستجيب لأهم المطالب.
من بين أهم المطالب، التي تُجمع عليها كل النقابات، الزيادة في الأجور. وهو مطلب مبرر لعدة أسباب، أهمها، الرفع من القدرة الشرائية للفئات الشعبية، وعموم الشغيلة في كل القطاعات، بعد الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الاستهلاكية والخدمات والسكن ومصاريف الصحة والتطبيب وضعف الأداء في التعليم العمومي… وغيرها من متطلبات العيش، التي عرفت زيادات، لكن مقابل ذلك، تم تجميد الأجور.
بالإضافة إلى هذا المحور الهام، هناك محاور أخرى، تهم المجال الاجتماعي، وتتمثل في احترام المقاولات لالتزاماتها تجاه القانون، خاصة ما يتعلق بالتصريح لدى الصناديق الاجتماعية وأداء المستحقات، و كان على الحكومة أن تتحرك بشكل جدي لمعالجة تهرب المقاولات من هذه الالتزامات، لأن هذا التهرب يضر كثيراً بحقوق الشغيلة.
ويمكن القول، إن لائحة المطالب التي ترفعها النقابات مشروعة، على مختلف المستويات، من أجل حماية الشغيلة والحفاظ على كرامتها، خاصة على صعيد احترام الحق النقابي، الذي أصبح الهاجس المؤرق لكل المركزيات النقابية، التي يتعرض مناضلوها لمختلف أشكال التعسف والمضايقات والتنقيل، وصولا إلى الطرد، في إطار الحرب على حق دستوري، من طرف العديد من أرباب المقاولات ومديري المؤسسات العمومية والإدارات والجماعات المنتخبة.
وبصفة عامة، فإن تكريس دولة الحق والقانون واعتماد نموذج تنموي يضمن العدالة والكرامة، يبدأ من تصحيح العلاقة مع الشغيلة وممثليها النقابيين، مما يعني تقليص الفوارق الطبقية وإجبار المقاولات والمؤسسات المشغلة والإدارات، على الالتزام بالقوانين وبالمسؤولية الاجتماعية، وهو التوجه الذي لا تعكسه سياسة الحكومة الحالية، التي لا تختلف كثيرا عن سابقتها، فهي لحد الآن ظلت نسخة مُكرّرةً على المستوى الاجتماعي.