صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، مساء أول أمس على عدد من مشاريع القوانين من بينها ثلاثة نصوص لها طبيعة وعمق حقوقي، في إطار تنزيل دستور 2011، الذي أكد تشبث المغرب بحقوق الإنسان كما متعارف عليها عالميا، وأفرد ولأول مرة، بابا للحريات والحقوق الأساسية، تضمن أكثر من عشرين فصلا.
هناك المصادقة على قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعد «مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها، وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات…».وهذا القانون الذي نسخ الظهير الذي أحدث المجلس، وذلك في سياق إعمال الفصل 71 من القانون الأسمى . ومن أبرز مايميزه، أنه يخول له اختصاصات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الوطنية للتظلم، الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، وآلية تعزيز وحماية وتتبع تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذا تعزيز دوره في مجال ترسيخ مقاربة حقوق الإنسان في مختلف السياسات العمومية والمنظومة القانونية الوطنية، من أجل تأمين التمتع الفعلي للمواطنين والمواطنات بحقوقهم .
والنص الثاني، هو قانون الحق في الحصول على المعلومات تنزيلا للفصل 27 من الدستور، الذي يخول للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، التي بحوزة الإدارات العمومية والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.ويعد ترجمة فعلية لإجراءات ومبادئ مشروع «الحكومة المنفتحة»، وترسيخا لأسس وضوابط تخليق الممارسة الإدارية والمساءلة، وبالتالي ضمان المصداقية والنزاهة في تدبير الشأن العام.
وثالث النصوص، يتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف المحاكم وبيان شروط قبوله وآثاره، وكذا شروط وإجراءات ممارسة المحكمة الدستورية لاختصاصاتها في هذا المجال والآثار المترتبة عن قراراتها(الفصل 133 من الدستور).
إنها إذن قوانين في غاية الأهمية تعزز منظومة حقوق الإنسان ببلادنا.
لقد ناضل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولايزال ومعه القوى الديمقراطية والحقوقية، لبناء دولة الحق والقانون، الدولة التي تضمن للأفراد ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية. وقدم الحزب تضحيات جساما لمغرب حقوق الإنسان والديمقراطية .وكان حريصا في مذكراته من أجل الإصلاحات الدستورية والسياسية والمؤسساتية سواء التي قدمها باسم الحزب أو مع حلفائه، أن يضع بناء دولة الحق والقانون من أولى الأولويات .
والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صوت إيجابا من خلال فريقه البرلماني على هذه النصوص، حيث شارك بفعالية في مناقشتها، إيمانا منه أن حقوق الإنسان مجال شمولي لا يقبل أي تجزئة، و حرصا دائما على الدفاع عن حق المواطنات والمواطنين في العيش في مجتمع كريم، لا تُمس فيه أي حقوق أو حريات للأفراد والجماعات والفئات الاجتماعية.
لكن هناك نقطة رئيسية يجب التأكيد عليها، وهي أن القوانين لا تكفي . فالممارسة والتطبيق والحرص على احترام القانون وحماية المكتسبات من أي تراجع ، أمر محسوم من أجل مغرب الحق والقانون. والأمل المعقود أن يكون الجميع في مستوى هذه الخطوة الحقوقية ، التي نحن على وعي تام بأنها تحتاج حتى في نصوصها القانونية إلى مزيد من الروح الحقوقية، لتكون أكثر نجاعة وفعالية.