مازالت دول العالم تناقش مستقبل الجنس البشري في قمم المناخ، آخرها تلك التي تنظم حاليا في بون بألمانيا، كوب 23، بعد أن كان المغرب قد احتضن بمراكش، كوب22، بهدف التقدم في معالجة مشاكل الاحتباس الحراري وتدهور المناخ وندرة المياه الصالحة للشرب والسقي والتصحر وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات… وغيرها من الآفات التي أصبحت تهدد مصير الكرة الأرضية.
ومن المعلوم أن الآثار الفعلية لهذه المخاطر تظهر اليوم، بكل جلاء، في ارتفاع نسبة الحرارة، خاصة في الثلاث سنوات الأخيرة، وفي مظاهر أخرى مثل الأعاصير والفيضانات، مما يؤكد أن البشرية تسير نحو وضع مقلق، بسبب الأضرار الكبرى التي لحقت بالغلاف الجوي وبالمصادر الطبيعية، من مياه وغطاء نباتي، بسبب الاحتباس الحراري، الذي يعتبر النشاط البشري الصناعي، مصدره الرئيسي، وذلك نتيجة ارتفاع انبعاث الغازات الدفيئة.
وحسب توقعات علماء المناخ، فإن استمرار ارتفاع درجات الحرارة، بهذه الوتيرة، سيؤدي عند نهاية القرن الحالي، إلى كارثة على البشر والحيوان، حيث سيصل معدل الارتفاع إلى ما يقارب خمس درجات مئوية.
لذلك تسعى الدول، من خلال قمم المناخ، إلى التوصل إلى اتفاقات لوضع حد لارتفاع نسبة انبعاث الغازات، باتخاذ عدة إجراءات في صناعاتها وفي استعمال السيارات، وغيرها من المبادرات.
غير أن الوجه الآخر لهذه القضية الكبرى، هو ما يحدث من مخاطر بسبب ندرة المياه، وهو ما يعاني منه المغرب، مثل العديد من الدول في إفريقيا وآسيا، إذ تؤكد تقارير دولية أَن حوالي نصف البشرية، سيعيش في آفاق سنة 2030، أزمة مياه، كما أصدرت منظمة اليونسكو، تقريراً جاء فيه أن 700 مليون شخص، عبر العالم، لا يتوفرون على ما يكفيهم من الماء وأن ملياري شخص يتوفرون على مياه تحتاج إلى جهد كبير حتى تكون صالحة، مما يضاعف خطر الأوبئة والأمراض وسوء التغذية ومشاكل الفلاحة.
أما في المغرب، فإن مشكل المياه يتفاقم باستمرار، حيث تؤكد الأرقام أن كل شخص كان يتوفر في سنة 1960 على 2500 متر مكعب من الماء، بينما لا يتوفر اليوم إلا على 500 متر مكعب، وسيزداد هذا الخصاص إذا لم يتم تداركه.
لذلك فإن العالم مدعو إلى مراجعة جذرية للنموذج التنموي الذي يسوده حاليا، والذي لا تستفيد منه سوى أقلية في الكرة الأرضية، هي التي تنتج أكبر نسبة من الغازات المدمرة للغلاف الجوي، بينما يعيش حوالي80 في المئة من البشرية في مناطق قاحلة أو شبه قاحلة، وهم الضحية الأولى لأغنياء العالم.